بعد 3 سنوات من انتخاب حسن شيخ، الصومال على صفيح ساخن، انهيار حكومي متسارع وصعود لافت لحركة الشباب المجاهدين
تشهد الساحة الصومالية تصعيدًا غير مسبوق في العمليات العسكرية والسياسية مع استمرار تراجع حكومة مقديشو المدعومة دوليًا أمام هجمات حركة الشباب المجاهدين، وسط مؤشرات على اقتراب الحركة من إحكام سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد.
تصاعد ميداني غير مسبوق لحركة الشباب
منذ إعادة انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود قبل أكثر من ثلاث سنوات، تعهدت الحكومة الصومالية بالقضاء على حركة الشباب المجاهدين بشكل نهائي، وإعادة الاستقرار للبلاد. إلا أن الأوضاع الميدانية تسير في اتجاه مغاير تماماً، مع توسع العمليات العسكرية لحركة الشباب التي باتت تسيطر على أجزاء واسعة في ولايات هيران وشبيلي الوسطى وشبيلي السفلى في وسط وجنوب الصومال.
وقد أعادت الحركة تفعيل المحاكم الشرعية في المناطق التي سيطرت عليها مؤخرًا قرب العاصمة مقديشو، حيث بدأ المواطنون يتوافدون عليها لطلب العدالة، ما يعكس حالة الفراغ القضائي الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
أزمة تمويل دولية وحصار سياسي
في الجانب الدولي، دخل ملف الدعم المالي لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال “AUSSOM” مرحلة حرجة بعد فشل جهود الأمم المتحدة في تأمين تمويل إضافي بسبب رفض أمريكي صريح. فقد اعترضت واشنطن على القرار الأممي رقم 2719، وامتنعت عن تمويل 75% من تكلفة العمليات، معتبرة أن هذه المهمة أصبحت عبئًا غير مجدٍ في ظل الانهيارات العسكرية المتتالية.
وأثار هذا الموقف الأمريكي ضغوطًا إضافية على الدول الإفريقية المساهمة في العملية العسكرية، حيث تواجه حكوماتها ضغوطاً اقتصادية متزايدة جراء الإنفاق المستمر على هذه القوات دون تحقيق مكاسب ميدانية واضحة.
تحذيرات أمنية أمريكية غير مسبوقة
في مؤشر خطير على تعقد الوضع الأمني، أصدرت الخارجية الأمريكية قبل أيام تحذيراً هو الأقوى منذ سنوات، ورفعت مستوى التحذير إلى الدرجة الرابعة – وهي الأعلى ضمن تصنيفاتها – داعية رعاياها إلى الامتناع الكامل عن السفر إلى الصومال.
كما ألزمت السفارة الأمريكية في مقديشو طاقمها بعدم مغادرة المنطقة الآمنة في معسكر “حلني”، وذلك في ظل تقارير استخباراتية عن احتمالية تنفيذ حركة الشباب المجاهدين لهجمات كبيرة قد تستهدف مواقع حساسة تشمل مقار الحكومة، القواعد العسكرية الأجنبية، وارتال القوات الإفريقية.
انقسامات داخل السلطة المركزية
في موازاة الأزمة الأمنية، تشهد الساحة السياسية في مقديشو تصدعات حادة داخل معسكر السلطة بعد إعلان الرئيس حسن شيخ محمود عن تأسيس حزب جديد تحت اسم “حزب العدالة والوحدة”، في خطوة أثارت موجة رفض واسعة من قيادات سياسية بارزة اعتبرت أن الحزب يمثل إعادة إنتاج لسياسات الحزب الاشتراكي الذي أسسه الرئيس الأسبق محمد سياد بري.
وشنّ سياسيون بارزون، من ضمنهم رؤساء وزراء وبرلمانيون سابقون، هجوماً لاذعاً على الحكومة الحالية مطالبين الرئيس بالاستقالة ومتهمين السلطة القائمة بتهديد وحدة البلاد والسلم الأهلي.
اضطرابات إقليمية وتصعيد في ولايات الحكم الذاتي
وامتدت حدة الأزمة إلى علاقات الحكومة الفيدرالية مع الإدارات الإقليمية، حيث أعرب رئيسا بونتلاند وجوبالاند عن استغرابهما من إعلان الحزب الجديد، مؤكدين تصاعد الخلافات السياسية مع الحكومة المركزية.
تحذيرات من سقوط وشيك لمقديشو
وفي تطور لافت، صرح عبد السلام جوليد، النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات الصومالية، أن العاصمة مقديشو باتت على شفا السقوط في يد حركة الشباب المجاهدين، مشيرًا إلى أن العديد من أبناء عشيرة الرئيس انضموا إلى صفوف الحركة ورفضوا ما وصفوه بمحاولات الحكومة فرض النموذج الديمقراطي الغربي.
مشهد مفتوح على المجهول
تعكس هذه التطورات الميدانية والسياسية حجم التعقيد الذي بات يكتنف المشهد الصومالي، مع تراجع قدرة الحكومة الفيدرالية على السيطرة وتصاعد قوة حركة الشباب المجاهدين عسكريًا وإداريًا، في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية لاستمرار تمويل العمليات العسكرية دون تحقيق نتائج ملموسة.
ويرى مراقبون أن الصومال مقبل على مرحلة شديدة الحساسية مع غياب أي مؤشرات حقيقية على انفراج سياسي أو أمني في الأفق القريب.