بيان قاعدة الجهاد في جزيرة العرب: تعزية في استشهاد الشيخ أبو علي الحضرمي والقائد أبو صالح الديولي – رحمهما الله –
نشرت مؤسسة الملاحم، الجناح الإعلامي لقاعدة الجهاد في جزيرة العرب، بيانا بعنوان، تعزية في استشهاد الشيخ أبو علي الحضرمي والقائد أبو صالح الديولي رحمهما الله.
وجاء في البيان:”الحمد لله لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه، ومحا ظلمة الجاهلية بنوره، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
فإننا نتقدم لأمة الإسلام عامة، وللمجاهدين في جزيرة العرب وجميع بقاع الأرض خاصة، بالتهنئة والتعزية في استشهاد الشيخ الكريم المهاجر المرابط القائد محمد بن صالح المغي المكنى بأبي علي الديسي، ورفيقه الأخ القائد، صاحب النصرة والتضحية، والصبر والوفاء، الأخ عمار بن صالح بن محمد العولقي المكنى بأبي صالح الديولي، وذلك إثر غارة أمريكية صليبية غادرة بطائرة من دون طيار في ولاية شبوة، تقبلهما اللـه وبلغهما أعلى منازل الشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه واخلف لنا خيراً منها.
لقد ترجلا فارسانا، واستراحا، وألقيا عنهما العناء، وحطا الرحال حيث كانا يرجوان في قناديل معلقة بالعرش يسرحان من الجنة حيث شاءا، لا يتمنيان إلا أن يرجعا إلى الدنيا فيقتلان لما رأيا من الكرامة -كما نحسبهما والله حسيبهما- ولا نزكي على الله أحداً.
رحل الشيخ أبو علي – رحمه الله-، رحل صاحب الدين والعلم، والخلق الكريم، والأدب الرفيع، رحل صاحب الهمة في خدمة دين الله والجهاد في سبيله، صاحب الغيرة على دين الله ومحارمه، الزاهد في الدنيا وملذاتها.
لقد قتل – رحمه الله – ونحسبه ممن صدق فيه قول رسول الله – صلى اللـه عليه وسلم-: (من خير معاش الناس رجل على متن فرسه كلما سمع هيعة طار على متنه يبتغي الموت أو القتل في سبيل الله مظانه)، فقد اشتعلت جذوة الجهاد في قلب الشيخ الشهيد أبي علي الديسي – تقبله الله-، بداية الاحتلال الأمريكي على العراق، فهب هو وجمع من إخوانه من أرض المدد (اليمن)، لنصرة إخوانه المسلمين، فقُدِّر عليه أن يؤسر هو ومجموعة من إخوانه عند النظام النصيري في سوريا، ثم رُحل إلى اليمن، ليسجن في سجون نظام علي صالح، وتبدأ معه مرحلة الصبر، ليتعلم من مدرسة يوسف – عليه السلام، فلم يزده السجن إلا قوة وصلابة على هذا الطريق حتى فتح الله عليه وعلى إخوانه بالخروج من سجن المكلا بحضرموت عام ۲۰۱۱م بكرامة من الله.
خرج من السجن ليكمل مشوار الدعوة والجهاد في سبيل الله، متنقلاً في طول البلاد، وعرضها معلّماً ومربياً محرضاً، وداعياً، مرشداً ومستشاراً وعضواً في مجلس شورى الجماعة، كما أنه كان مقاتلاً ومرابطاً مع إخوانه، في مواطن القتل والقتال حتى نال ما تمنى مقبلاً غير مدبر، وهكذا تكون مصارع الأبطال.
لقد قام – رحمه الله- بحق العلم الذي كان يحمله، فأتبعه بالعمل، قـام بحقه في وقت تخاذل فيه كثير من أهل العلم عن الجهاد في سبيل الله، وأثبت – رحمه الله- أن دور طالب العلم لا يقتصر على تعليم الناس، وإصدار الفتوى فحسب، وإنما يجب عليه أن يكون في طليعة المقاتلين، وفي مقدمة صفوف المجاهدين، أسوة برسوله – صلى الله عليه وسلم-، فقد كان عليه الصلاة والسلام- مع كونه الحاكم الراعي، والعالم المربي، إلا أنه كان يشهد الغزوات بنفسه ويقتحم غمار الشدة – وفي أصحابه من يكفيه؛ وذلك ليكون قدوة لأمته يتأسوا بسنته، ويقتفوا أثره في اقتران القول بالعمل، فكان قدوة حسنة بحق كما وصفه ربه بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
وإنه ليجدر بنا أن نوجه دعوة لطلاب العلم عامة، ولرفقاء الشيخ أبي علي الديسي – رحمه الله – خاصة، الذين سلكوا معه طريق العلم، فنقول: ها هو أحد أبطال الإسلام من أهل العلم الذين أخذوا العلم كما أخذتموه، وشرف به كما شُرفتم، ولكنه كان حريصاً أن يربط هذا العلم بالعمل، تأسياً برسوله وقدوته – صلى الله عليه وسلم، حتى وفقه ربه أن يختم حياته عاملاً بما تعلمه وحفظه، من آيات الجهاد وأحاديث الرباط والجلاد، ناصراً لدينه ومنافحاً عن عقيدته، ألا فلتكن لكم سيرة هذا البطل المقداد المقدام، داعياً ومحرضاً لسلوك طريقه، لكي تنالوا شرف نصرة هذا الدين العظيم ولتصدقوا العلم بالعمل.
ولئن قتل شهيدنا – رحمه الله – فلم يكن قتله خسارة، وإنما ربح ومغنم ولئن حزنا على فقده، فإن فرحتنا له أعظم، فقد نال ما تمنى، ونرجو أن يكون أمن الفتنة وحاز رضى ربه، ويكفينا رضاً أن نراه فارق الدنيا ثابتاً، لم يغير ولم يبدل، بل انتصر على عدوه، حيث قتل على مبدئه الذي عاش من أجله، وليس في الشهيد خسارة وإنما الخسارة فيمن ينتكس على عقبيه؛ فيترك طريق الحق ويضع يده في يد عدوه؛ معلناً تراجعه عن الطريق؛ ناسفاً بيده كل ما بناه، وكل تضحية قدمها، والله المستعان.
ونقول لأعداء الإسلام لا تفرحوا فقد أبقى الله لكم من يسومونكم ويلات الحروب، ويقض مضاجعكم، فلا تصلون إلى قائد أو مجاهد، إلا وقد أشعلت جذوة الجهاد في نفوس الكثير من شباب الإسلام، التواقين لنصرة دينهم وأمتهم، الباذلين نفوسهم رخيصة في سبيل إعزاز أمتهم، وإذلال كبريائكم وجبروتكم، ولتعلموا أن دماء مقاتلينا نور ونار نور لمن يأتي بعدهم ليستضيء به في سلوك طريقهم، ونار تحرق صروحكــم وجيوشكم، حتى تكون أثراً بعد عين، ولتوقنوا أن رحى الحرب لن تهدأ حتى تدق عظـام مـن أعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين، والله متم نوره ولو كره الكافرون، وهو غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
مضوا يشربون الموت كأسًا شهية .. ولو أنّ طعم الموت مستثقل مُرٌّ
أبوا أن يعيشوا كالعبيد بعالم .. تحكم فيه الظلم واستحكم الكفر
وما مات من في الله ماتوا فمُبتدا .. حياتهم من حيث ينتهي العمر
أولئك إخواني على كل جبهة .. بها منهم ذكر وفي ثغرها قبر
أولئك إخواني فمن لي بمثلهم .. بمثلهم يُستنزل النصر والقطر
رفاق بدرب العز والمجد والعُلا .. فصحبتهم فخر لمن همه الفخر
اللهم تقبل عبداك في الشهداء وأجزل لهما المثوبة والعطاء، واغفر لهما وارحمهما واسكنهما فسيح جناتك وارفع درجاتهما في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وألهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان وأخلف لهم خيراً اللهم آمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.”
تعزية_في_استشهاد_الشيخ_أبو_علي_الحضرمي_والقائد_أبو_صالح_الديولي