توسيع عمليات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بجانب الحدود مع السنغال

وسعت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم قاعدة الجهاد من نشاطها العسكري على مواقع للجيش المالي بالقرب من الحدود مع السنغال، على مقربة من طريق داكار الضروري لمالي.

 

في الأول من يوليو 2025، أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مسؤوليتها عن شنّ هجمات منسّقة على عدة مواقع للجيش المالي، في مناطق غرب وسط البلاد، من ضمنها قاعدة في ديبولي القريبة من السنغال .

 

الأهمية الجغرافية والاستراتيجية

موقع ديبولي ذو أهمية أساسية لأنه يقع على معبر تجاري رئيسي يربط سفن ميناء داكار في السنغال بمالي عبر الحدود .

والهجمات في هذه المنطقة تُعدّ تصعيدًا خطيرًا، نظرًا لأن السنغال كانت بمنأى عن النشاط الجهادي حتى الآن .

الهجوم جاء منسّقًا وركز على مواقع متعددة، بما في ذلك ديبولي .

لم تُعلن تفاصيل عن خسائر الجيش المالي بشكل رسمي، إلا أن الاشتباك أثار قلقًا أمنيًا واسع النطاق .

وتشهد مالي تشهد تمردًا جهاديا مسلحًا منذ أكثر من عشر سنوات، بهدف إقامة نظام إسلامي شامل ومستقل في البلاد.

وشهدت مالي انقلابات عسكرية عدة وطرد القوات الفرنسية، واستقدام مرتزقة روس من مجموعة فاغنر، لكن الأمن تراجع بشكل ملحوظ.

وسجلت هجمات مماثلة لا تزال تتزايد أيضًا في بوركينا فاسو في الجوار، حيث بدأت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تكسب مساحة ‎.

يمثل التمدد العسكري الجهادي نحو الحدود مع السنغال تهديدًا لمصالح الأنظمة العسكرية المحلية عبر غرب إفريقيا.

حيث ستواجه مناطق الحدود في السنغال ضغطًا أمنيًا متزايدًا مع عبور المقاتلين والأسلحة عبرها .

 

وجهة نظر المراقبين

حسب ألف ليسينغ من مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، فإن هذه الهجمات تضع السنغال أمام ضرورة تعزيز أمنها الحدودي بنفس من الاستعداد للحرب ضد “الإرهاب” .

وتحذر الهيئات الدولية من أن تراخي غرب إفريقيا أمام التهديدات الأمنية قد يُهدّد الاستقرار الإقليمي.

وجاء هجوم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين كتصعيد جديد لتوسّع العمل الجهادي في المنطقة.

واعتبر اختراقا أمنيا مذهلا رغم تغيّر الأطراف الداعمة للحكومة المالية (روسيا بدلًا من فرنسا),

وأصبح هناك تحدٍ جديد لحكومة السنغال والمنطقة عموماً.

 

لماذا هذا الهجوم خطير؟

كان معظم العمل الجهادي محصورًا في “المثلث الحدودي” بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

والانتقال إلى أقصى غرب مالي (ديبولي)، على حدود السنغال، يعني أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تحاول فتح جبهة جديدة في منطقة لم تعتد على هذا النوع من التهديدات.

وتعد السنغال دولة مستقرة نسبيًا، لكن هذا الاستقرار هش إذا ما تسرب العنف من مالي إلى أراضيها.

والسنغال بوابة اقتصادية مهمة، خاصة عبر ميناء داكار، الذي تعتمد عليه مالي غير الساحلية.

وتوسع العمل الجهادي نحو السنغال قد يعيد تشكيل خريطة الأمن في غرب إفريقيا بأكملها.

 

السياق السياسي والعسكري في مالي

طردت مالي القوات الفرنسية عام 2022 بعد توتر سياسي. واستعانت بمرتزقة “فاغنر”، الذين فشلوا في تحقيق استقرار حقيقي.

والآن وبعد انسحاب جزئي لفاغنر، يعود الفراغ الأمني مجددًا، ويستفيد منه الجهاديون. في وقت يعتمد فيه الجيش المالي على نمط دفاعي تقليدي، ويُعاني من نقص الخبرات والتكنولوجيا الحديثة.

كما أن الضربات المركزة على قواعده هدفها كسر المعنويات وفرض واقع ميداني جديد.

 

لماذا هذا التوقيت؟

الهجوم جاء في أول أيام يوليو، بداية الربع الثاني من السنة، وبداية العام الهجري الجديد، وهو توقيت يُستغل عادة لإرسال رسائل سياسية مع تغيير الخطط العسكرية.

فتصاعد الهجمات يشير إلى محاولة الجماعة الجهادية إظهار قوتها بعد ضغوط عملياتية في مناطق أخرى (مثل تمبكتو وغاو).

وشمل الهجوم القصف والقنص والهجوم الأرضي في الوقت نفسه، وهو أسلوب يشي بتطور تكتيكات الجماعة الجهادية.

ويرى مراقبون أنه يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الفوضى الإعلامية والعسكرية وليس فقط السيطرة الميدانية.

ثم إن توسع العنف نحو السنغال يعقّد التعاون الأمني ويزيد من الحاجة لقوة مشتركة فعالة (مثلاً G5 الساحل).

وإذا تأثر الاقتصاد بضرب طرق التجارة بين داكار وباماكو فهذا قد يُضر بالاقتصاد الإقليمي.

كما أن الهجمات تضع النظام العسكري في مالي تحت ضغط، إذ يُتهم بالفشل في ضبط الأمن رغم وعوده.

 

إن الهجوم الأخير هو إنذار استراتيجي بأن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بدأت تخترق مناطق جديدة غير معتادة في ساحة الصراع، وهذا يشكل هزيمة لاستراتيجية الحرب على الإسلام التي تعرفها منطقة الساحل، ويفرض تحديًا جديدًا على المجتمع الدولي، الذي لم يفلح حتى الآن في إيجاد حل جذري لأزمة الساحل بسبب تخبط سياساته وكثرة أخطائه بحق السكان المحليين. في وقت تملأ فيه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الفراغ الذي تركه الوكلاء الفاسدون في المنطقة ووفق مطلب الشريعة الإسلامية الذي يرتضيه ويطلبه المسلمون الذين ملّوا من تدخل الأجانب غير المسلمين في حكم بلادهم.