فتح مقكري… حين صدق الوعد الإلهي وانكسرت الحملة الصليبية في شرق إفريقيا

لم تكن معركة مقكري مجرّد مواجهة عسكرية أو اشتباك عابر بين طرفين متنازعين، بل كانت – كما وصفها أنصارها – يومًا من أيام الله، تتجسد فيه الوعود الإلهية، وتتساقط فيه أقنعة الخيانة والولاء لغير الله، وتُسطَّر فيه صفحات جديدة من الصراع بين الحق والباطل.
لقد أثبتت الوقائع أن ما جرى في مقكري لم يكن “أحاديث حماسية” أو “أمنيات معلّقة”، بل كانت حقيقة ثابتة ووعداً إلهياً يتحقق، حتى وإن أنكرها أولئك الذين بدلوا دينهم وكفروا بربهم، وظنوا أنهم بمكرهم وتحالفاتهم قد يعطلون شرع الله.
ورغم مرور السنوات وتغير الوجوه وتعاقب الحكومات، ظلّت أرض مقكري تنتظر وعداً مؤجلاً، يوماً مشهوداً تعود فيه راية التوحيد إلى السارية، وتُستعاد فيه السيادة للشريعة، بعد أن كانت مرتعاً لمشاريع الكفر ومركزاً لتخطيط المؤامرات ضد الإسلام.
وفي مشهد أقرب إلى الخيال، اندلعت من ضواحي مقكري عملية استشهادية كاسحة، تبعها زحف بري خاطف اجتاح مواقع قوات الردة، التي كانت تتمترس خلف خطوط دفاعية مدعومة بخطط دولية وأجهزة استخباراتية. ومع ذلك، لم يصمد هؤلاء أمام الزحف الإيماني الذي حسم المعركة خلال ساعات، وأسفر عن مقتل كبار قادة الردة وسقوط المدينة بالكامل.
في اليوم التالي، وبلسان مكسور ونبرة منهزمة، ظهر رئيس إدارة الردة في مقكري في تسجيل بثّته وسائل الإعلام، ليعلن بكل وضوح هزيمتهم الثقيلة، ويقرّ بخسائر بشرية قاربت 4,000 قتيلا خلال ثمانية أشهر من القتال المتواصل. كما أشار إلى عدم قدرة ميليشياتهم على تحمل أعباء الحرب، لا مادياً ولا معنوياً، خاصة وأنهم ليسوا جزءاً من جيش نظامي حقيقي، بل مجرد أدوات تخدم أجندات خارجية انطلاقاً من العاصمة مقديشو.
مقكري: من غرفة عمليات للحملة الصليبية إلى منبر للتوحيد

ما يجعل سقوط مقكري حدثاً مفصلياً ليس موقعها الجغرافي فحسب، بل لأنها كانت تمثل غرفة عمليات رئيسية تُدار منها الهجمات ضد الشريعة الإسلامية، وتُنسج فيها خيوط المكر والتضليل، وتُخنق بها أحلام العودة لحكم الله في الأرض.
لقد كانت معركتها معركة وعدين: وعد أهل الكفر أن لا يُترك الإسلام يحكم، ووعد أهل الإيمان أن يُرفع الدين ويُعز أهله. وبانتصار المجاهدين، تحقق وعد الله: “وكان حقاً علينا نصر المؤمنين.”
الوعد تحقق.. والمستقبل للتوحيد

ما حدث في مقكري لم يكن صدفة عسكرية أو فجوة استخباراتية، بل كان ثمرة توكل صادق على الله وتخطيط محكم من قبل المجاهدين، الذين خاضوا المعركة تحت راية لا إله إلا الله، وتحملوا المشاق والدماء في سبيل نصرة الدين.
اليوم، تُكتب مقكري في سجل المجد الإسلامي، وتُسجَّل كنقطة تحول في معركة التوحيد في شرق إفريقيا، يؤكد فيها المجاهدون أنهم هم الركيزة التي تتّكئ عليها الأمة الإسلامية اليوم – بعد الله – في معركتها ضد الحملات الصليبية، هدفهم الأسمى إيصال الرسالة إلى مستقرّها، طاهرةً نقية كما أرادها الله أن تصل، وإنه لوعدٌ لا شك فيه: أن جند الله هم الغالبون.
هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لم يُغيّرهم الطريق الطويل، ولا الانكسارات المرحلية، ولا خيانات “الحلفاء”، بل ظلوا على العهد، حاملين راية النبي ﷺ، ساعين لتبليغ رسالة الإسلام صافية نقية خالصة كما أرادها الله، موقنين أن العاقبة للمتقين، وأن النصر من عند الله، لا من عند أحدٍ سواه.
سليمان ابن المبارك

مقالة رأي تمثل رأي كاتبها.