الاحتلال الإسرائيلي يسمح بخروج الفلسطينيين من غزة وسط مخاوف من ان يكون خروجًا نهائيًا
سمح الاحتلال الإسرائيلي لمئات الفلسطينيين بمغادرة غزة في الأسابيع الأخيرة بعد شهور من الحظر شبه الكامل على المغادرة، مع تسارع وتيرة الخروج بعد أن اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير إفراغ القطاع من سكانه. بحسب فايننشال تايمز البريطانية.
وقد نددت الأمم المتحدة وحكومات ومنظمات حقوقية باقتراح ترامب باعتباره بمثابة تطهير عرقي، لكن وزراء في حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة استغلوا الفكرة، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس في مارس أن “إسرائيل” ستنشئ هيئة لتسهيل عمليات الخروج “الطوعية” والمساعدة في تنفيذ خطة ترامب.
وقال دبلوماسيون إن “إسرائيل” سمحت حتى الآن بمغادرة مئات من الأشخاص من القطاع المحاصر هذا العام، وقد استقبلت فرنسا أكثر من 170 شخصاً، وألمانيا أكثر من 70، فيما استقبلت دول أخرى أعداداً أقل من ذلك من سكان القطاع.
وحاول مسؤولون إسرائيليون، بمن فيهم وزير الداخلية موشيه أربيل، تصوير هذه المغادرات كجزء من برنامج “المغادرة الطوعية”، لكن دبلوماسيين مشاركين في العملية قالوا إن هذا ليس صحيحاً، وإن من يغادرون غزة الآن هم أشخاص كانوا يحاولون منذ فترة طويلة مساعدتهم على المغادرة.
وأوضح الدبلوماسيون أن معظم من غادروا هم من حاملي الجنسيات المزدوجة أو ذويهم، أو أشخاص يتم إجلاؤهم لتلقي العلاج الطبي، أو أشخاص يحملون تأشيرات لدول ثالثة.
وقالوا إن من بين من غادروا أشخاصاً كانت “إسرائيل” قد رفضت سابقاً السماح لهم بالخروج من غزة، أو تأخرت في السماح لهم بذلك مراراً.
وقال أحد الدبلوماسيين: “قررت إسرائيل فتح باب الخروج مرة أخرى بعد إعلان ترامب، لأنها رأت في ذلك وسيلة للبدء في تنفيذ ما يسمى بخطة ترامب — بينما بالطبع لم يكن هذا هو الحال بالنسبة لنا”.
وقال كوجات، وهو الجسد العسكري الإسرائيلي المسؤول عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية، إنه نسق “عشرات” من عمليات المغادرة، دون تقديم رقم دقيق، وأضاف أن ذلك تم “وفقاً لتعليمات المستوى السياسي”.
ولم ترد رئاسة الوزراء الإسرائيلية على طلب التعليق.
وتوقفت عمليات المغادرة من غزة — التي يستحيل تنفيذها دون موافقة إسرائيلية — بعد أن سيطر الاحتلال على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر في مايو من العام الماضي، والذي كان منذ بداية الحرب وحتى ذلك الوقت الممر الرئيسي للخروج من القطاع.
وقال أشخاص مشاركون في عمليات الإجلاء إن الأعداد بدأت بالخروج مجدداً بأعداد قليلة في أواخر العام الماضي، وتسارعت بشكل كبير بعد أن قال ترامب في فبراير إن على الولايات المتحدة أن تتولى السيطرة على غزة، وأن “جميع” سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة يجب أن “يُعاد توطينهم”.
وقد قوبلت جهود ترامب لإقناع الأردن ومصر باستقبال سكان غزة برفض قاطع من كلا البلدين، لكن المخاوف من النزوح الجماعي عادت إلى الواجهة في الأيام الأخيرة بعد أن وافقت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة على خطة لتكثيف هجومها الذي استمر 19 شهراً ضد حماس في القطاع.
وتتضمن الخطة إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين على الانتقال إلى مساحات أصغر في جنوب القطاع. لكن مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً بارزاً قال يوم الإثنين إن مغادرة هؤلاء للقطاع كلياً كانت أيضاً أحد أهداف الحملة المكثفة.
وقال: “برنامج النقل الطوعي [الهجرة] لسكان غزة، خاصة أولئك الذين سيتم تركيزهم في الجنوب خارج سيطرة حماس، سيكون جزءاً من أهداف العملية”.
وقال دبلوماسيون إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت “إسرائيل” ستسمح لمن غادروا بالعودة، لكن العديد من الذين غادروا عبروا عن عزمهم على العودة، رغم الظروف الإنسانية القاسية في القطاع، حيث دمر الهجوم الإسرائيلي معظم المباني، وأدى حظر المساعدات إلى تفاقم الجوع الشديد.
وقالت دنيا الأمل إسماعيل، وهي شاعرة وكاتبة فلسطينية غادرت غزة إلى فرنسا في أبريل، إنها حصلت في عام 2024 على منحة من الحكومة الفرنسية لقضاء عام في باريس للعمل على مشروع كتابة وتدريس، وقدمت طلب المنحة قبل الحرب، لكنها لم تتمكن من السفر إلا في أبريل.
وأضافت إسماعيل، التي نزحت داخلياً في غزة 11 مرة خلال الحرب، أنها ستعود إلى القطاع بعد انتهاء مدة المنحة.
وقالت: “لم يُطلب من أحد التوقيع على وثيقة للهجرة من غزة أو للبقاء خارجها لعدد من السنوات”، وأضافت: “كنت سأعود عند معبر كرم أبو سالم لو طلب مني ذلك”.
فايننشال تايمز البريطانية