الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية: غزة.. ملحمة تعيد تعريف النصر
نشرت الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، المؤسسة الإعلامية الجها=ية والناشر الإعلامي لحركة الشباب المجاهدين بيانا بشأن غزة جاء فيه:
“الحمد لله الذي وعد المؤمنين بالنصر والتمكين، والصلاة والسلام علــى مــن بشـــر بالنصر والفتح المبين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَحْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكُننَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنَا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ (النور 55)
مرة أخرى، تثبت غزة للعالم بأسره أنها حصن منيع لا يُقهر، وأن روح الجهاد فيها متأصلة لا تنطفئ، ففي مواجهة العدوان الصهيوني الأخير، سـطر المجاهدون ملحمة جهادية جديدة، وحققوا نصراً مؤزراً على جيش الاحتلال، ذلك الجيش الذي لطالما تغنى بأسطورته كجيش لا يقهر.
لقد كان هدف العدو واضحاً منذ البداية: القضاء على الجهاد وأهله، ووقف وابــــل الصواريخ الذي أمطر مستوطناته. لكن إرادة الله شاءت أن تنكسر هذا الغطرسة، وتتحطم هذه الأسطورة على صخرة صمود المسلمين في غزة بمشيئة الله. فقد فشل العدو في تحقيق أهدافه، بل مني بهزيمة نفسية وعسكرية مدوية، أقـــر بهــا حـتـى بعض سياسييهم وكتابهم في صحفهم الشهيرة وعبر شاشات تلفازهم.
دروس من رحم المعاناة
إن انتصار غزة ليس مجرد حدث عابر في سجل الجهاد ضد العدو الصهيوني، بل هو تجسيد حي لصدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتأكيد على وعد الله بنصرة عباده المؤمنين فها هو قول الرسول الكريم يتحقق أمام أعيننا: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ) ( أبو داود ، وأحمد ).
ولقد أراد العدو القضاء على المسلمين في غزة، لكن مشيئة الله حالت دون ذلك، ولم تثن المحن المسلمين هناك، بل زادتهم قوة وثباتاً، لتثبت للعالم أجمع أن صدق النبوة لا يقبل الشك، وأن وعد الله بالنصر حق.
وفي مقابل وعد النصر، حذرنا الرسول الكريم من موقف التخاذل عن نصرة المستضعفين، وأخبرنا بأن الله سبحانه وتعالى سيخذل كل مــن تـــــخاذل عـــــن نـصـــرة إخوانه المسلمين: (ما من امرئ يخذل امراً . مسلما، في موضع تنتهك فيه حرمته، ويُنتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحب فيه نصرته) (سنن أبي داود) . إن هذا الحديث يحمل في طياته تحذيراً شديداً لجميع المسلمين، حكاماً وشعوباً، من مغبة التخاذل عن نصرة قضية المسلمين في فلسطين.
ثمرة الإعداد في ظل الإيمان
يخبرنا القرآن الكريم بأن الإعداد للجهاد هو من أهم أسباب النصر والتأييـد فالله تعالى يقول: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْـ ترْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوكُمْ﴾ (الأنفال: 60)، وفي انتصار غزة الأخير تجسيد حي
لهذه الحقيقة.
ففي الفترة التي سبقت طوفان الاقصى، لم يُضع المجاهدون أوقاتهم فـــي الراحة والاسترخاء، بل انكبوا على الإعداد والتجهيز للمعركة القادمة، فعملوا ليل نهار على تطوير قدراتهم العسكرية، وحفر الأنفاق، وتصنيع الصواريخ، واستحداث أساليب قتالية جديدة.
ولم يكن هذا الإعداد مجرد جهد بشري، بل كان مقروناً بالإيمان الصادق بالله، وحسن الظن به، والثقة بنصره وتأييده. ولذلك آتى هذا الإعداد ثماره، وحقق المجاهدون نصراً مبيناً على العدو، ووقفوا صامدين في وجه آلته العسكرية الهائلة.
لا عز إلا بالجهاد
يُثبت لنا التاريخ مرة بعد أخرى أن العزة والكرامة لا تنال إلا بالجهاد في سبيل الله، وأن الشعوب التي تستسلم للذل والهوان تصبح عرضة للاستبداد والظلم. وإن انتصار غزة الأخير ليقدم لنا درساً بليغاً في هذه الحقيقة.
فبماذا نال المجاهدون في غزة هذه العزة التي أذهلت المتجبرين الكفرة؟ وكيف تحقق لهم النصر على عدو متغطرس يمتلك أحدث الأسلحة وأقوى الجيوش؟ لقد نالوا ذلك بسلوكهم درب الجهاد في سبيل الله، فهو السبيل الوحيد لإعزاز الدين، كما أخبرنا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخدتم أذنـ البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم) (أبو داود) . وهذا الحديث يُؤكد لنا أن ترك الجهـاد يــؤدي إلـــى الـــذل والهوان، وأن العودة إلى عزة الإسلام وكرامته لا تكون إلا بالعودة إلى الجهاد في سبيل الله”.