الصومال عند مفترق طرق

تمرد متجدد، وساحة سياسية متشظية، ومستقبل غامض لبعثة الاتحاد الإفريقي للدعم والاستقرار

تمهيد

بين أيدينا ترجمة أعدها الباحث عبد الكريم أحمد، لدراسة بعنوان: “الصومال عند مفترق طرق: تمرد متجدد، وساحة سياسية متشظية، ومستقبل غامض لبعثة الاتحاد الإفريقي للدعم والاستقرار”، وهي دراسة نشرها مركز مكافحة الإرهاب للمؤلفين: ديزي مويبو ويايديور مبينغ.
يعقبها تصحيح مفاهيم خاطئة، لجهاد محمد حسن. لتقديم إحاطة وافية لواقع الصراع في الصومال اليوم.

 

التعريف بالمؤلفين

ديزي موِيبُو (Daisy Muibu) أستاذة مساعدة في دراسات الأمن في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية. ينصبّ اهتمامها الأكاديمي على مكافحة الإرهاب، ومجابهة التطرّف العنيف، وحوكمة القطاع الأمني في الدول المتأثرة بالنزاعات. وقبل انضمامها إلى المركز، شغلت منصب باحثة زميلة في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد (T.H. Chan)، كما عملت أستاذة مساعدة في قسم علم الجريمة والعدالة الجنائية في جامعة ألاباما. وتحمل درجة الدكتوراه في العدالة والقانون وعلم الجريمة من الجامعة الأمريكية في واشنطن.
يايِديور مبينغ (Yayedior Mbengue) تشغل حاليًّا منصب أخصائية أكاديمية في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، حيث تُعنى بالبحوث وتنفيذ البرامج المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والذكاء الاصطناعي، وسلامة الملاحة البحرية وأمنها في عموم القارة الإفريقية. وقد عملت قبل انضمامها إلى المركز مع منظمة «Tostan» والبنك الدولي في إفريقيا على مبادرات سياساتية. وتحمل درجة الماجستير في التنمية التعليمية الدولية من جامعة كولومبيا، والبكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية رولينز.


خلاصة

بعد قرابة ثلاثة أعوام على إطلاق الحكومة الصومالية حملتها العسكرية ضد حركة الشباب المجاهدين، لا تزال الساحة الأمنية محفوفة بالمخاطر. فالحركة قد استعادت شيئًا من عافيتها، فيما تنعدمُ تقريبًا أواصر التنسيق بين القوات الفيدرالية وقوات بونتلاند، رغم توسّع نشاط فرع تنظيم «الدولة» في الصومال على الساحة الدولية. أما مستقبل بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة، فيكتنفه الغموض. وهذه الاتجاهات إنما تُعزى إلى انقسام سياسي شديد، وتشظٍّ وطني في الجغرافيا والقرار، وتراخي دعم المانحين، وصعوبات عملياتية، فضلًا عن صلابة الحركة المتمردة وصبرها. وتعرض هذه المقالة رؤية شاملة لجهود الأمن الجارية، وتقوم العوامل التي تشكّل مسار الصومال المرتبك، وتنتهي إلى أنّ التسوية السياسية ضرورة لا مناص منها لمواجهة الخطر المزدوج الذي يمثّله كلٌّ من حركة الشباب المجاهدين وتنظيم «الدولة».

 

في هذه الدراسة:

 

تصحيح مفاهيم خاطئة

ما حملته هذه الدراسة في الواقع يمكن وصفه بالخطوط العريضة للأحداث التي يعرفها الصراع في الصومال، ومع أن المؤلفين حرصا على جمع التفاصيل المهمة المتفق عليها في الواجهة الإعلامية، إلا أن القراءة الأعمق كانت مفتقدة في رصدهما. وفي الواقع لا تزال هذه الدراسات مصدرا للرواية الغربية التي تدعي المصداقية بينما هي تدلس التفاصيل المصيرية، وتخفي نصف الحقيقة وتتعامل مع واقع البلاد باستخفاف كبير بحقوق شعبها المسلم.

سأخلص في نقاط أبرز المفاهيم الخاطئة التي تصدرها الدراسة، أو لم تعطها حقها من التبيان، بل ولا تزال تبني عليها سياسات فاشلة تصطدم بها في كل جولة صراع في منطقة شرق إفريقيا.

– عند الحديث عن فشل الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب من المهم جدا الحديث عن خلفية هذه الحكومة التي جاءت لتفرض بدكتاتورية على الشعب الصومالي، بزعم شعارات الديمقراطية، فأساس الأمر في الصومال أن الغرب يحاول فرض نظام ديمقراطي بطريقة دكتاتورية، وهو متناقض في ذاته ولا يراعي احتياجات الشعب الصومالي المسلم لنظام يستوعب هويته وطموحاته، ويهمل الغرب –متعمدا- اختيار الأغلبية، التي تريد نظام الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإنه يدفع بكل الطرق غير المشروعة واللا أخلاقية لفرض الحكم الجبري الديمقراطي على الشعب الصومالي المسلم. لذلك تفشل الحكومة الدمية التي نصبها في تحقيق أهدافها بل أهداف الغرب، وهنا مفارقة مهمة، فالغرب لا يهتم لمصداقية شعاراته الديمقراطية لذلك لا مشكلة لديه أن يقهر الشعب الصومالي ويقصفه ويقتله ويحرمه حقوقه ويحاصره اقتصاديا وأمنيا على أن يختار بنفسه الحكم الذي يريده. هذا إن تحدثنا بمقاييس ديمقراطيتهم المفلسة. فكيف حين ندرك جيدا أننا نتعامل مع حكومة عميلة بلا دين ولا خلق، قد استشرى الفساد في مفاصلها لدرجة لا تؤهلها للحوكمة، وجميع الخطط الداعمة لها لتبقى على قيد الحياة، إنما تطيل من معاناة الصومال فقط ولا يمكنها أن تقدم حلولا نهائية ولا استقرارا في هذه البلاد التي تعرف تاريخيا بتمردها على الاحتلال الكافر!

– مرة أخرى حين نتحدث عن فشل الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب يجب أن نتحدث عن أن وجود حكومة هشة لا تملك مقومات الوقوف على قدميها بنفسها ولا حماية نفسها بدون حاجة لمدد عالمي، يعني في الواقع أنها مستعدة لتسليم جميع ثروات الصومال لأعدائه مقابل بقائها في الحكم. وهذا ما يجعل هذه الحقبة مظلمة، فحجم الخيانات والتنازل عن ثروات البلاد كان مفزعا، ولا تتحدث الدراسات والتقارير عن الوجه الكالح للاستثمارات التي يمنون بها على الشعب الصومالي المسلم، فتركيا كمثال، ما دخلت هذه البلاد إلا واستولت على ثرواتها وحقوق شعبها، لأجل مجدها، ويلاقي الشعب الصومالي بالمقابل المنّ والأذى، بينما يحصل على الفتات المسؤولون في الحكومة المفسدة. ومن ذلك عقد نهب النفط الصومالي، والذي يسمح للأتراك بالاستحواذ على 95% من العائدات وفقاً للوثيقة التي أُخفيت عن الشعب الصومالي ثم قُدّمت لاحقاً إلى البرلمان التركي. فكيف يمكن للصومال أن يقوم على قدميه وعمليات النهب تسير ليل نهار والحكومة تقمع كل صوت حر، وتنكل بالفقراء والمساكين، وتطارد الناس على لقمة عيشهم؟! وكل هذا تحت عين الغرب الذي يرضيه إذلال الشعب الصومالي ويرضى بأن تنوب عنه تركيا حين يعجز.

– ثم هل يعقل أن تسيطر حركة الشباب المجاهدين لقرابة عقدين من الزمان فقط بسياسة القهر والاضطهاد؟ متى ينضج الباحثون الغربيون وينزلون على أرض الحقيقة؟ لماذا لا يعترفون بالقبائل الصومالية التي بايعت الحركة على الجهاد وإقامة حكم الشريعة؟ لماذا لا يخجلون من أنفسهم ويعترفوا بأن القبائل الصومالية تقاتل في الصفوف مع حركة الشباب المجاهدين؟ هل يعقل أن تسيطر حركة الشباب المجاهدين على هذه المساحات الشاسعة بدون حاضنة شعبية قوية مؤمنة برسالتها، تمدها بأسباب البقاء والقوة؟ لو كانت حركة الشباب المجاهدين منبوذة لدى القبائل الصومالية لما استمر حكمها هذا أمر أكيد، مهما استخدمت من وسائل قمع وإرهاب، وقطعا ليست هذه سياسة الحركة ولا هدفها، فهي تسهر على توفير الخدمات والحكم الرشيد لمواطنيها، ولولا هذه الخدمات وهذا الحكم، لما استمر العيش آمنا في الولايات الإسلامية الذي يؤمّنه النظام الإسلامي، الراعي لمصالح الشعب الصومالي. لذلك كلما ترى في التقارير والدراسات الغربية وصم الحركة بالقسوة على الشعب، اعلم أنه يغطي الحقيقة المؤلمة لهم، وفي الواقع القسوة حقيقة هي في جانب الحكومة التي تطارد المواطنين على المقابر والضرائب وكل وسيلة إذلال. ويكفي من ذلك دليلا أن الحكومة المدعومة بتحالف دولي ضخم ومدد عالمي من المساندة لإعطائها شرعية للحكم، ما أن دخلت مناطق حركة الشباب المجاهدين التي احتلتها، عجزت عن توفير المستوى الخدماتي الذي اعتاده السكان، وبدل التركيز على خدمة السكان يركز المسؤولون الحكوميون على النهب والسرقة وعلى فتح أبواب الفتن والرذيلة وتجارة القات وتيسير الحرام. هذا هو مفهوم الحكم لدى الحكومة الصومالية الهشة، إنه الانحلال، باسم الديمقراطية وفساد الأخلاق باسم التقدم، ومحاربة الفضيلة والتقوى باسم مكافحة الإرهاب. لذلك لا يمكن لهذه الحكومة أن تحكم الصومال وتنجح في حكمها. أما إن كانت إقامة حدود الله الشرعية قسوة، فهو الحياة وهو أبرز أسباب التمكين والأمان الذي منّ الله بهما على الولايات الإسلامية.

– لقد شهدت بلدات ومدن الصومال حالة من المساندة للجهاد لم أر لها مثيلا في كل البلاد المسلمة الأخرى التي تعرضت للاحتلال، فالكثير من المدن والبلدات في وسط الصومال انسحب سكانها كافة مع المجاهدين، لقد تركوا جميعا منازلهم وأسواقهم وأحياءهم، وحملوا ما يمكنهم حمله وخرجوا مع المجاهدين لمناطق أخرى، كل ذلك كي لا تحكمهم الحكومة المدعومة من الغرب، إنه حدث عظيم يسجله التاريخ، شعب برمته يرفض أن يحكم بغير الشريعة الإسلامية بعد أن ذاق بركاتها ونعم بظلالها! لقد دخلت الميليشيات الحكومية لتجد المدن والبلدات فارغة من كل سكانها، ولم يستقبلها السكان بالورود لتحررهم من حركة الشباب المجاهدين كما يزعم الإعلام المحارب. وهذه شهادة أكتبها هنا لله وللتاريخ، إن القبائل الصومالية المسلمة كانت ولا تزال هي حضن الجهاد الأول في الصومال، لقد صبرت كثيرا وتصبرت دوما، ونصرت الشريعة وأهل الجهاد وقدمت كل ما يمكنها للتصدي لمخططات الغرب الكافر وأذنابه، ورفضت كل المغريات والمساومات وحملت السلاح جنبا إلى جنب مع مقاتلي حركة الشباب المجاهدين، ولن يحدثك الإعلام الغربي عن إباء القبائل الصومالية التي وقفت وقفة تاريخية في نصرة دينها والجهاد على أرضها، ولم تخضع لغير الله تعالى. لا يمكن لقلم أن يصف فرحة السكان حين عودتهم لمدنهم وبلداتهم التي حررها المجاهدون من جديد وهم يدخلون أحياءهم مكبرين شاكرين حامدين على نصر الله تعالى لهم. ولترتفع من جديد رايات التوحيد ليس بسواعد الحسبة أو المجاهدين فحسب بل بسواعد السكان أنفسهم! فهل يمكن لدراسة غربية أن تنقل هذه الحقيقة أو تنصفها؟ فمالهم وأرض المسلمين، ما لهم وشعب يريد دينه يحكمه! سيطول كمدهم بإذن الله تعالى.

– القضاء والعدل من أسس الاستقرار وأركان الأمن، والغرب يعي جيدا أن حركة الشباب المجاهدين هي الوحيدة في البلاد التي تملك قضاء عادلا يحكم بالشريعة الإسلامية ينصف الناس ويرضيهم، ويعلم كذلك أن الحكومة محاكمها فاسدة وقضاياها متعثرة والمظالم فيها سمة بارزة، ولذلك الكثير من الصوماليين يلجأون لقضاء حركة الشباب المجاهدين حتى من الشتات في الغرب، فماذا يعني هذا؟ يعني أن من ينصف الناس ويقيم العدالة هي حركة الشباب المجاهدين التي يلجأ لها حتى المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة التي فرضت عليهم جبرا.

– هل حقا حركة الشباب المجاهدين تنكل بالشعب؟ وتقتل المدنيين؟ وحربها حرب ماغولية؟ هذا الكذب والافتراء لم يعد شيئا جديدا بل حقيقة يثير السخرية، فكيف يمكن لحركة جهادية تحتكم للشريعة أن يكون هدفها قتل المدنيين أو ترويعهم كما تفعل قوات التحالف الدولي المجرمة بدون أدنى شجاعة لتحمل مسؤولية إنصاف ضحاياها من المدنيين. إن حركة الشباب المجاهدين تقاتل الحكومة وكل من يصطف معها من الأجانب والصوماليين بأسباب شرعية واضحة، وليس الشعب الذي يقع في مرمى أهدافها بل هي تقاتل لتحرير هذا الشعب من كيد الغرب الكافر وأحلافه التي تعيش على مآسي الصوماليين. لذلك أسطوانة الحكم الإسلامي المتشدد، والحركة تقتل لمجرد القتل، سخيفة ولا يقبلها عقل، إنما قتل المرتدين حكم شرعي، والجهاد في سبيل الله فريضة في دين الإسلام. والحقيقة أن الحكومة والتحالف الدولي قتلوا من الصوماليين أضعاف ما قتل دون قصد على يد حركة الشباب المجاهدين، وتواطؤ المجتمع الدولي لإخفاء ذلك لا يخفيه في سجل التداعيات. ولا بواكي على قتلى المسلمين ما دام الإعلام يهمين عليه ساسة الغرب والحروب.

– هناك فرق كبير جدا بين قبائل تقاتل وبين ميليشيات قبلية تقاتل، الدراسات الغربية لا تظهر فارقا فتدلس. بينما الميليشيات مرتزقة لا تمثل القبائل برمتها ولا تمثل موقفها تماما، ويكفي من ذلك دليلا أن قبيلة الرئيس الصومالي نفسه لم تستجب لدعواته في قتال حركة الشباب المجاهدين مؤخرا، مع أنه يعمل على استقطاب كل مرتزق داخل القبائل بالاحتيال والمال، لأجل أن يوظفهم في الحرب على الشريعة، ولا نرى تقارير غربية كثيرة – إلا ما قل- تذكر كيف يتم استدراج المرتزقة الصوماليين بالخداع والاحتيال والوعود الكاذبة ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف مخطوفين للتدريب قسرا في إرتيريا أو أوغندا وللدفع بهم في جبهات القتال ضد حركة الشباب المجاهدين، فينتظر الجندي حتفه وهو في حرب لا يحمل لها عقيدة قتالية بل الخوف من القمع الحكومي، ويكفي أن الكثير من الجنود تركوا القتال وصفوف الميليشيات الحكومية لما عاينوه بأنفسهم من إفلاس الخطط الحكومية وإن كانت مدعومة بالطيران الأمريكي والتركي. وهل اهتم الإعلام بالنساء اللاتي تبكي عند مقرات الحكومة وتتظاهر تبحث عن أبنائها المفقودين الذين قتلوا ولم يرجعوا أبدا رغم كمية الوعود الوردية بمستقبل زاهر ومبهر.

– ما الذي حقيقة أوصل الصومال لما هو عليه الآن، إنه إصرار الغرب على إخضاع شعب كامل لنظمه في الحكم والحياة، إنهم يريدون للمرأة الصومالية أن تتعرى وتتبرج وتخرج لسوق العمل وتنازع الرجل، باسم المساواة وتحرير المرأة. يريدون للطفل الصومالي المسلم أن يكف عن التشبث بالقرآن وليقبل على التعليم الديمقراطي الذي يجعله يتقبل الردة للنصرانية والإلحاد والشذوذ بسعة تعايش، إنهم يريدون من الشعب الصومالي أن يعيش تابعا ذليلا لهم وخادما لهيمنتهم ولا يسمح له أن يستقل عزيزا بدينه وهويته ومقوماته الحضارية. ولذلك حين ينتهي التدخل الأجنبي في الصومال ستستقر البلاد وتتوازن الموازين، ويحكم أهل البلاد بلادهم وفق دينهم وعقيدتهم وستزدهر حينها وتستقر.

– لن تجد دراسات غربية ترصد إرهاب التحالف الدولي، فلن يرصدوا عدوانهم وطغيانهم وجشعهم، لن يخبروك أن الاتحاد الإفريقي مجرد مرتزقة يبحثون عن المال ويقتاتون على واقع الصراع في الصومال، لن يخبروك كم قتلوا كم سفكوا من دماء، لن يحدثوك عن القصف العشوائي الذين نكّل بسكان العاصمة لطرد المجاهدين! لن يخبروك كم أذلوا من الصوماليين وأخفوهم قسرا. ولن يخبروك عن المجازر والاعتداءات الصفيقة التي لم يسلم منها حتى قطعان الماشية، ليقدموا للعالم صورة المحرر وقوات حفظ السلام، لذلك لن تجد صوماليا حرا يحب وجود قوات الاتحاد الإفريقي لما يعرفه من حقيقتهم ولما عايشه من إجرامهم وتبجحهم.

– لا شيء ينفصل عن العقيدة والدين والهوية، فالغرب على الرغم أنه يتحدث عن نظام ديمقراطي يجعل الإسلام مجرد اسم على الهامش يرتبط بالصومال إلا أنه يدعم بقوة حركات التنصير داخل الصومال، وكل ذلك يسري بسرية تامة وبدعم مالي مستمر، واليوم لدينا مرتدين تنصروا بفضل جهود التحالف الدولي الذي في الواقع حربه على التوحيد لا على الإرهاب. لا يريدون مسلما حرا لابد أن يكون لهم عبدا أو فقتاله.

– الغرب لا يريد أن يتأدب من تجربة أفغانستان، ولا يريد أن يقر أن في الأخير الحكم الذي يقاتل لأجله أهله عقدين من الزمان ليس أمرا يمكن التخلص منه بحشد القوات والأموال والاستراتيجيات، إن القتال لأجل عقيدة ومبدأ يختلف عن القتال لأجل إرضاء الأسياد والتبعية والارتزاق، لذلك معركتهم تفشل في كل مرة وستفشل دوما مهما طال الزمن أو قصر، وآن للغرب أن يقر بحرية الصومال في دفاعه عن حكمه الإسلامي الذي يفديه بالنفس والنفيس.

– هناك تصور سطحي جدا عن الحياة الطيبة يضخه الإعلام الغربي بروايات هشة، يحصر الحياة الطيبة في لمسات التطور الغربية والأسواق الحديثة والتطاول في البنيان وفي الواقع، وبالنظر لواقع الولايات الإسلامية فإن الحياة الطيبة هي العيش تحت ظلال الشريعة والنعيم بالحرية والسيادة بعيدا عن إملاءات النظام الدولي الكافر. تلك هي حقيقة الحياة الطيبة، وفيها يجد المسلم تمام فرحته والله سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب.

– يروج بعض الباحثين الذين هم حقيقة يحملون أيديولوجيا النظام الدولي، يروجون لفرية تقضي بأن حركة الشباب المجاهدين عاجزة عن السيطرة على مقديشو، وهذا يدل على درجة جهلهم بمبادئ الحروب والاستراتيجيات في صراع طويل كمثل الذي تعيشه الصومال، فالسيطرة على العاصمة ليس هدف الحركة في المرحلة الآنية، لكونها تعمل على تمكين طويل الأمد لن يضطرها للانسحاب بعد فترة، وهو ما تعلمته الحركة من تجربتها مع التمكين السابق في العاصمة، ولذلك لن تدخل الحركة العاصمة حتى تقتلع التحالف الدولي من هذه الأرض وأسباب وجوده ولن تترك لهم مساحة ولو صغيرة يستقوون من خلالها. وتملك
الحركة اليوم من الخبرات ومقومات التمكين والغنائم ومدد معسكرات التدريب ما لم تكن تملك ربعه في وقت تمكينها السابق، أيام سيطرتها على مقديشو، ولكن كتاب الدراسات الغربية يكتبون بطبع التمني.

– إن الخلاف حول تمويل قوى الاحتلال في الصومال ليس من فراغ، بل هو لقناعة الممولين بخسارتهم الكبيرة في هذه الحرب مقابل إنجازات تنقلب في لحظة لمكاسب لحركة الشباب المجاهدين، فالاستنزاف مستمر منذ قرابة عقدين من الزمان ولا تزال راية التوحيد خفاقة في الصومال، رغم حجم الجمع والكيد والعدوان.

– إن سياسة شيطنة الجهاد والافتراء والكذب، وسياسة تزيين الفاسدين وتقديمهم على حساب أهل الحق، وتدليس الحقيقة وإخفاء نصف الحقيقة، مفلسة تماما كاستراتيجيات الغرب التي تصدعت في الصومال. وهب أنهم أقنعوا العالم أن المجاهدين في الصومال مجرمين قتلة لا يعرفون دينا ولاخلقا، فهل يملكون أن ينزعوا تمكينا رزقه الله عباده المجاهدين؟ هل يمكنهم أن يسلبوا أهل الجهاد فضل الله تعالى عليهم؟ ولتجتمع كل قوى الأرض، فإن التمكين لا يكون إلا بأمر الله تعالى ومشيئته، يعز من يشاء ويذل من يشاء، والله مولى المؤمنين. إن الصومال، البلاد المسلمة، هنا حاضرة بجهادها لتقدم للعالم بأسره درسا في أن الصراع حقيقته بين الإيمان والكفر، بين الشريعة الإسلامية والديمقراطية، بين الشعب المسلم وبين المرتزقة والسياسيين الفاسدين واللصوص الجشعين والتحالف الدولي المحارب الكافر. ولذلك الصراع في هذه الأرض لا تحكمه الرواية الغربية، بل الحقيقة التي يشهد عليها كل مسلم فيها وهو يرى بعينه سياسات الحرب على الإسلام والعدوان. ولعل أعظم درس على المسلمين استحضاره في واقع الصومال، أن الإعداد والجهاد موجبان للعز والتمكين والثبات.

– في الختام، أقول، نعم هذه الدراسات تقدم اعترافات خجولة لما يجري من فشل واضطراب وتخبط في صف المعسكر الكافر المحارب، لكنها لا تقدم كل شيء ولا تقدم أهم شيء، إنها دراسات تحاول الترقيع أكثر منه التثقيف، وتضم جهودها في سبيل إعلاء راية الديمقراطية، ولا يليق بمسلم أن يأخذ رواية الصراع من مراكز كافرة محاربة، بل يستل منها ما يفيده في الحرب على كفرهم وديمقراطيتهم، ويعلي كلمة الله تعالى، وأما البقية فيرد كل افتراء وإفك وبهتان تحمله رواية غربية، ولا ينجر لها منبهرا بحجم التمويل الذي تحظى به أو الدعاية والتزويق المرافق. وإلى أن يستقل الباحثون المسلمون أكثر ويتحرروا بمراكز دراسات حرة أبية، سنبقى ندفع باطلهم بعون الله تعالى وبجهاد المجاهدين على الأرض، حتى يأذن الله تعالى بالفتح المبين أو نذوق ما ذاقه حمزة بن عبد المطلب. رضي الله عنه.

– في الصومال كتائب فتح تتربص بالكافرين، تقاتل في الجبهة الجنوبية للعالم الإسلامي وأعينها على بيت المقدس، لذلك فالصراع في هذه الأرض متصل بالأمة كلها، وهزيمته هزيمة لكل الأمة المسلمة والنصر فيه نصر لكل هذه الأمة. فلله در من أنفق قبل الفتح وجاهد بما تيسر له لنصرة راية التوحيد وحكم الشريعة قويا ممتدا. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.

 

لتحميل الدراسة كاملة من هنا:

 

الصومال_عند_مفترق_طرق_تمرد_متجدد،_وساحة_سياسية_متشظية،_ومستقبل_غامض