الملاحم تنشر: “نقاط على حروف للشيخ المجاهد إبراهيم القوصي”

نشرت مؤسسة الملاحم، الجناح الإعلامي لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، كلمة مصورة للشيخ المجاهد: إبراهيم القوصي “خبيب السوداني” تزامنا مع سقوط النظام السوري.

 

 

 

وجاء في كلمة الشيخ القائد:”الحمد لله وحده نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، معز عباده الموحدين المجاهدين، ومذل أعدائه الكافرين، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، القائل: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، والصلاة والسلام على رسول الملحمة وقائد المجاهدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 ثم أما بعد:

ففي الوقت الذي نرقب فيه أحداث معركة المسلمين ضد الصهاينة في فلسطين، ولا تزال شمس النصر رغم التضحيات الجسيمة ساطعة في سماء غزة والضفة وبيت المقدس، إذ بشمس أخرى تشرق علينا في سماء سوريا، تبشر بانتصار آخر يشفي الله به صدور المسلمين.

فها نحن اليوم نفرح بنصر الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

فأفتتح خطابي هذا بالتهنئة والمباركة لجميع المسلمين عامة، ولأهلنا في شام الرباط خاصة بالنصر والفتح المبين، الذي امتن الله به على عباده المسلمين المستضعفين في سوريا، وذلك بعد سنوات من القهر والظلم والإجرام والوحشية، قتل وعذب ونكل فيها بمئات الألاف من المسلمين، اللهم لك الحمد، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

ولنا مع هذه الأحداث المتسارعة وقفات، وقفات قصيرة للتأمل والتبصر، أحببت أن أبعث بها لأهلنا ولإخواننا المجاهدين في شامنا الحبيب، تذكيرا ببعض الوصايا والنصائح، عملا بقول رسول الله ﷺ: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.” فأقول مستعينا بالله:

الوقفة الأولى:

نذكر أهلنا وإخواننا في بلاد الشام ونقول لهم: بأن معركتكم مع نظام بشار الأسد وحلفائه معركة وجود منذ أن بدأتموها عام ألفين وإحدى عشر، وبدأها من قبلكم إخوان لكم ضد أبيه الطاغوت حافظ الذي تلطخت يداه بمجزرة حماة الشهيرة، والتي قتل فيها على مدى سبعة وعشرين يوما أكثر من أربعين ألفا من إخوانكم المسلمين.

فأنتم كما تعلمون تقاتلون عدوا طائفيا لم يعرف التاريخ الحديث له مثيلا في الطغيان والوحشية، شعاره الأسد أو نحرق البلد. عدوا شابت من كفره وظلمه وطغيانه رؤوس الولدان، عدوا دمويا مارس أبشع طرق التعذيب والتطهير العرقي لإبادة شعبه لمجرد أنه خرج إلى الطرقات، كغيره من الشعوب يطالب بشيء من الحرية، فاستجاب لنداءاته وصرخاته شبيحة النظام بفض جموعهم بالرصاص الحي، ودك المدن بالطائرات والبراميل المتفجرة، وإبادة أحياء كاملة بغاز السارين السام، وانتهاء بسياسة التهجير القسري بتفريغ مدن وأرياف بأكملها من سكانها، وتهجيرهم إلى إدلب.

واليوم وقد بدأتم القتال بفضل الله، بعد سنين من توقفه بإعداد ما يلزم له من عدة، فاعلموا أن معركتكم هذه المرة ليست كسابقاتها، فهي معركة مصيرية وعليه قولوا لمن يطالبكم بوقفها: هيهات هيهات، نحن ضدان لا يجتمعان، فإما نحن وإما الأسد.

لذلك قبل أن يلتقط عدوكم أنفاسه، واصلوا المسير حتى يفتح الله بينكم وبينه، واعلموا أنه كلما سرعتم وتيرة الزحف لفتح الأرياف والمدن، كلما أدى ذلك لرفع معنويات مجاهديكم، وأدى لخفض معنويات عدوكم، واحذروا كل الحذر من الانشغال بالمعارك الجانبية مع فصائل حزبية وطنية تختلفون معها في توجهاتها وتتفقون معها في دفع هذا العدو الصائل عليكم جميعا.

والحذر كل الحذر من التراجع للخلف ومن العودة للوراء بخدع الحلول السياسية والصفقات الإقليمية، فقد جربتم كل ذلك في السنوات العجاف الماضية، فانظروا ماذا حققت لكم؟!

أكرر: إياكم ثم إياكم من النكوص والرجوع على الأعقاب، لأنه إن فعلتم فإن العاقبة ستكون وخيمة عليكم وعلى أهاليكم ونسائكم وأبنائكم، ولن تكون العاقبة هذه المرة بترحيلكم بالباصات الخضراء إلى إدلب، لأنه لن تكون هناك إدلب أو غيرها، فانتبهوا.

الوقفة الثانية:

نذكركم بأنكم عندما بدأتم ثورتكم المباركة على النظام، كانت القلوب متعطشة ومشرئبة إلى الرجوع إلى ربها، فأخلصتم النية لله وحده، ووحدتم الصف، وكان شعار معركتكم: يا الله يا الله، ما لنا غيرك يا الله.

ففتح الله لكم البلاد وقلوب العباد، وكانت معركتكم مع النظام في قلب دمشق، ووطأت أقدامكم القنيطرة على مرمى حجر من اليهود، وكنتم على بعد خطوات من النصر.

وعندما دب الخلاف والنزاع في صفوفكم، جرت سنة الله فيكم بالفشل والانهزام حتى حوصرتم في مساحة ضيقة في إدلب، وتكالبت عليكم أمم الكفر بمكرها ومؤامراتها لوأد جهادكم وتضحياتكم، وعليه حتى لا تدور عليكم دائرة مكرهم مرة أخرى، ندعوكم اليوم إلى الاعتبار من دروس الأمس، ندعوكم إلى وحدة الصف ونبذ الفرقة والتوحد ضد أعداء الله، فأعدائكم يتحدون ويتكالبون عليكم على مختلف مشاربهم، فأنتم أحق منهم بالتوحد، ولتعلموا أن قوتكم في وحدتكم ونبذ الخلاف وأسباب الفرقة.

استجيبوا لأمر الله سبحانه حين قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.

وتذكروا جيدا قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

وقوله سبحانه: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.

 الوقفة الثالثة:

اعلموا أن من أقدار الله عليكم أن جعل بلادكم إحدى دول الطوق المحيطة بالكيان الصهيوني، وعليه فالمكر عليكم كبار، فإذا كانت أمريكا وربيبتها إسرائيل لا يقبلان بنظام متمرد، خارجا على نظامهم وإرادتهم بأن يكون مجاورا لدويلة اليهود، حتى ولو كان نظاما مرتدا خارجا عن ملة الإسلام كنظام بشار الأسد، فإذا كان ذلك كذلك، فأمريكا ودويلة اليهود لن يقفوا موقف المتفرج من تقاطع مصالحهم مع مصالحكم، بانتصاراتكم الباهرة على ذراع قوي من أذرع عدوتهم إيران.

فما دام جهادكم ورايتكم مرفوعة من أجل لا إله إلا الله وفي سبيل الله، فأنتم سواء رضيتم أم أبيتم، تشكلون خطرا وشيكا على أمن إسرائيل القومي، وأذكركم بما قاله نتنياهو في الأسابيع القليلة الماضية: بأنهم بصدد تغيير الخارطة لشرق أوسط جديد. أي: أن عدهم التنازلي لإقامة دولتهم الكبرى إسرائيل قد بدأ كما يحلمون، وبلادكم سوريا داخلة في حدود دولتهم المزعومة، وأنتم بهذه الانتصارات التي تحققونها بفضل الله في الميدان، ربما تكونون قد قلبتم مخططات وحسابات اليهود والأمريكان رأسا على عقب، وعليه ربما يبدؤون بشن ضربات استباقية عليكم باسم الحرب على الإرهاب، فإن حدث ذلك، فخير وسيلة للدفاع الهجوم، فتوكلوا على الله وادخلوا الباب على اليهود.

فوالله الذي لا إله غيره، إن فعلتم ذلك ستكون هذه الخطوة، مقدمة لاستنفار الأمة بأسرها للمشاركة والقتال معكم في طوفانكم الجارف لدويلة اليهود بإذن الله، وستأتيكم أسد الشرى وليوث الغاب من كل مكان ولو حبوا على الركب، فلا تفوتنكم الفرصة ولا يفوتنكم هذا الشرف العظيم.

الوقفة الرابعة:

اعلموا أن انتصاركم في معركتكم مع نظام بشار الأسد ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لمعركة طويلة ضد الهيمنة الصهيوصليبية على بلادكم، وهنا نقطة مهمة لابد من إيضاحها حتى تتبين طبيعة الصراع.

فأمريكا ونظامها الدولي حتى تبرر وتشرعن لحربكم واستهدافكم باسم الحرب على الإرهاب سيتهمونكم بانتمائكم للقاعدة، رغم فك ارتباطكم بها قبل أكثر من ثمان سنين، فإن حدث ذلك بالفعل، فسوف يتبين لكم ما كانت القاعدة تردده منذ أكثر من ثلاثة عقود، بأن الحرب مع أمريكا وحلفائها ليست بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إنما هي امتداد للحروب الصليبية القديمة، على كل ما يمت للإسلام الحق بصلة، هي حرب بين إسلام وكفر، وإن غيروا مصطلحاتها ومسمياتها، وصدق الله عز وجل القائل: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

لن يرضوا عنكم حتى تقدموا لهم سيلا من التنازلات تمس صميم دينكم وعقيدتكم، أسأل الله الكريم أن يعافينا وإياكم.

ضعوا نصب أعينكم قول الحكيم العليم بعباده: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

وقول سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾.

فالمعركة إذا كبيرة وتبعاتها وتداعياتها جسيمة، وقد تدفعكم إلى أن تكونوا أمام أحد الخيارين الذين ذكرهم الله عز وجل في الآية السابقة، وحتى لا يحدث التراجع والسقوط، هيئوا أنفسكم لما هو قادم بإخلاص نيتكم لله عز وجل، وبحسن توكلكم المحض عليه، وكونوا موقنين بأن النصر من عند الله وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأن الله لا يضيع من التجأ إليه، وأن الدين أسمى وأعز وأغلى من كل شيء، وأن الملك لله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء.

الوقفة الخامسة:

إياكم أن تثنيكم الآلام والجراحات والمآسي، ودموع اليتامى والثكالى، بأن تعطوا الدنية في دينكم قيد أنملة، إياكم وأن يحرك دوي القنابل والصواريخ وأزيز الطائرات وصرير الدبابات فيكم شعرة، ويجعلكم تلينون وتنكسرون وترضون بالدنية والذل والصغار أمام أمريكا وضغوطها.

ودونكم أروع وأقوى مثال لحالة أشد من حالتكم، فاعتبروا بالمعركة التي خاضها إخوانكم الطالبان في أفغانستان ضد أكثر من أربعين دولة من أعتى دول الكفر على مدى عشرين عام كاملة، قتل فيها وجرح مئات الآلاف، فترملت نساؤهم وتيتم أطفالهم، ودمرت بيوتهم وقراهم وجرفت مزارعهم، ومع كل ما مروا بهم من مآسي وخطوب لم يعطوا الدنية للكافر الأمريكي قيد أنملة، فصبروا عشرين عاما في ميادين القتال حتى فتح الله عليهم وأكرمهم وشرفهم بهزيمة ودفن هبل العصر أمريكا في مقبرة الإمبراطوريات.

لتكن تلك الكلمات المعدودات التي تقشعر لها الأبدان، وتخشع أمام جلالها وعظمتها القلوب، التي نطق بها أمير المؤمنين الملا عمر رحمه الله، عندما هددوه بوعيد الرئيس الأمريكي بوش، بأنه قادم ليبخر الطالبان. فرد الملا عمر على التهديد بقوله: “لقد وعدنا الله بالنصر ووعدتنا أمريكا بالهزيمة وسوف نرى أي الوعدين أصدق.” لتكن تلك الكلمات عامل لكم من عوامل الثبات والصمود والصبر حتى يفتح الله بينكم وبين عدوكم.

ودونكم كذلك صمود وثبات إخوانكم الأسطوري في غزة، الذين رغم القتل والجراح والدمار والجوع والحصار في بقعة صغيرة، ما زالوا حتى هذه اللحظة صابرين قابضين على الزناد، لم يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.

الوقفة السادسة:

اعلموا أنكم إذا تمكنتم بإذن الله من بسط سيطرتكم على بلادكم، فإن واجب نصرة أهلنا في فلسطين يصبح آكد في حقكم بحكم الجوار، وعليه ينبغي عليكم أن تستشعروا عظم فضل الله عليكم، فالأمر معقود عليكم بعد الله تعالى لتحرير فلسطين، وتخليص مسرى رسولنا ﷺ من قبضة اليهود الغاصبين.

وبناء عليه، خوضوا معركتكم الحالية مع النظام وحلفائه وأعينكم مصوبة نحو فلسطين لتحرير بيت المقدس ولنصرة إخوانكم المستضعفين هناك، ولا يكن أقصى همكم وغايتكم من هذه المعركة محدودا بحدود سيكس بيكو، فإخوانكم في فلسطين يتطلعون إلى نصرتكم، فأنتم اليوم طليعة المسلمين لخوض المعركة الكبرى لتحرير المقدسات والتصدي لكافة أشكال التواجد اليهودي والأمريكي والبريطاني والروسي في بلاد المسلمين.

وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود بإسناد حسن كما جاء في صحيح الجامع للألباني: “ما من امرئ يخذل امرئ مسلما في موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر امرئ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته.” رواه الإمام أحمد.

الوقفة السابعة:

أوصيكم بإعداد أقصى ما تستطيعون من قوة وعدة لحرب طويلة قد تستمر سنوات، ولكم عظة وعبرة في الحرب التي يخوضها إخواننا في كتائب القسام في قطاع غزة، الذين رغم ضعف إمكاناتهم وشح ذات اليد وقلة الناصر والمعين، ورغم الحصار والمقاطعة والجوع والمطاردة والقصف، إلا أنهم صنعوا المستحيل في قطاع ضيق لا تتجاوز مساحته جزء من خمسمائة وسبعة أجزاء في مساحة بلادكم.

فعليكم بحفر الأنفاق والخنادق وتخزين أكبر كمية من السلاح والعتاد الحربي في أماكن غاية في السرية، وخاصة السلاح الذي يصلح لحرب العصابات مثل، الألغام والطائرات المسيرة والقناصات وكواتم الصوت ومضادات الطائرات والدروع المحمول منها والموجه.

الوقفة الثامنة: الحذر كل الحذر من الجواسيس الذين يتخللون صفوفكم، فيهنون عزائمكم بالتخدير والإرجاف، وإياكم أن يكثر فيكم السماعون لهم، وإذا استعنتم بربكم عليهم فستعرفونهم في لحن القول، وسيظهر نفاقهم على فلتات ألسنتهم وعلى قسمات وجوههم.

ومع ذلك، لا تأخذوا الناس بظنة، وتذكروا ما قاله التابعي يحيى بن يحيى الغساني عندما تولى ولاية الموصل قال: “لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل، قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقا ونقبا، فكتبت إلى عمر أعلمه حال البلاد وأسأله: آخذ الناس بالظنة وأضربهم على التهمة أم أخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة؟ فكتب إليّ أن أخذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله.” قال يحيى: “ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقا ونقبا.”

وألفت انتباهكم كذلك إلى الحذر الشديد من التقنيات الحديثة التي تستخدم اليوم على أوسع نطاق في التجسس وتحديد المواقع، وخاصة الجوالات وأجهزة التخابر الميداني، ولكم فيما حدث في لبنان لما يسمى بحزب الله عظة وعبرة.

الوقفة التاسعة: أختم بها قولي وأوصي فيها نفسي وإياكم وأقول: الله الله في الثبات على الثوابت، الله الله في الاعتصام بحبل الله المتين، الله الله إلى كل ما يدعو إلى الجماعة والألفة ومجانبة كل ما يدعو إلى الخلاف والفرقة، الله الله في العدل واجتناب الظلم، الله الله في الرحمة والإحسان للضعفاء والفقراء والمساكين، الله الله في الوفاء لدماء مئات الألاف من الشهداء والجرحى، الله الله في مئات الألاف من الأرامل والأيتام، الله الله في نصرة إخوانكم في فلسطين.

فوتوا الفرصة بثباتكم وصمودكم على ثعالب السلام وصناع المكر الدولي والمطبعين مع دويلة اليهود وسراق الثورات والمتسلقين على جماجم الشهداء، الذين رهنوا قيادهم وإرادتهم لدول الكفر والردة الداعمة، فلا تولوا أمركم إلا لمن أخلص دينه لله، وعركته ميادين المعامع والتضحيات، وتوكل على الله التوكل المحض.

ولا تأخذنكم نشوة النصر للتعالي على الحق، وكما تحملون على أسلحتكم على أكتافكم ضد أعدائكم، فلتحملوا معها الرحمة في قلوبكم لهذا الشعب المنكوب، ولتكونوا خير معينا له نحو حياة كريمة، يصلح بها دينه ودنياه، ولتقيموا حكم الشريعة كما يحب ربنا ويرضى، لتبعثوا في أرواح المسلمين حب الجهاد ليكون الدين كله لله.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي غزة وفي سوريا، اللهم انصرهم في الصومال وأفريقيا وفي مغرب الإسلام وفي جزيرة العرب، واحفظ إخواننا وأهلنا المسلمين في السودان وفي كل مكان، اللهم من أرادنا والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميرا عليه، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك ربنا من شرورهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.