بعد عودة الهدوء لغزة، جيش الاحتلال الإسرائيلي يبدأ عملية عسكرية في جنين بمساعدة السلطة الفلسطينية
ما لبث أن رجع الهدوء لغزة حتى أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق عملية “السور الحديدي” على العملية العسكرية التي بدأها في مدينة جنين بالضفة الغربية. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه أصدر تعليمات للجيش بالتحرك بقوة لحماية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه بناءً على توجيهات المجلس الوزاري المصغر، شن الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك والشرطة عملية واسعة في جنين بهدف القضاء على ما يصفه بـ “الإرهاب”، مؤكداً أن العملية تمثل خطوة إضافية في سبيل تحقيق الأمن في الضفة الغربية.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن العملية العسكرية في جنين ستكون “قوية ومتواصلة”، مؤكداً أنها تهدف إلى تعزيز حماية المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية. لم يذكر الوزير اعتداءات المستوطنين المستمر التي تجعل حياة الفلسطينيين في الضفة معرضة للخطر في كل يوم.
وأضاف سموتريتش عبر حسابه على إكس، أن “إسرائيل” بدأت اليوم بتغيير العقيدة الأمنية في الضفة الغربية، في إطار حربها المستمرة للقضاء على “الإرهاب”، بعد أن كانت قد طبقت هذه العقيدة في غزة ولبنان. على حد تعبيره.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أن الاحتلال قام بتمرير رسائل لمسؤولين في السلطة الفلسطينية قبل بدء عملية جنين.
وتتواطؤ السلطة الفلسطينية التي يحمل جنودها أسلحة إسرائيلية في إخضاع الضفة للاحتلال وتسهيل عمليات التوغل والاعتقالات.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية بمقتل ثمانية فلسطينيين وإصابة أكثر من 35 برصاص الجيش الإسرائيلي بإصابات متفاوتة جراء الاقتحام الإسرائيلي لمدينة جنين، ونُقلوا إلى مستشفى جنين الحكومي.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” بإصابة ثلاثة أطباء وممرضَين، الثلاثاء، في مواقع مختلفة، قرب مستشفيات جنين الحكومي، ومستشفى الأمل، ومستشفى الرازي.
ونقلت “وفا” عن مصادر محلية أن الجيش الإسرائيلي يحاصر المخيم بشكل كامل، وأن “قناصته تستهدف أي مواطن يحاول الخروج منه”.
ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مصدر أمني قوله إن العملية العسكرية في جنين ستكون مختلفة بشكل كامل عن العمليات السابقة، موضحاً أنها ستكون كبيرة، وستشهد تكثيفاً للاستهداف الجوي، وفرض طوق كامل حول مخيم جنين. وأضاف أنها قد تستغرق عدة أيام بحسب التطورات الميدانية.
وقال الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني أنور رجب إن القوات الإسرائيلية قامت بإطلاق النار على المواطنين وقوى الأمن الفلسطينية في جنين، ما أسفر عن إصابة العديد من المواطنين وعدد من أفراد قوى الأمن، أحدهم حالته خطيرة خلال اقتحام مخيم جنين.
دعوة للنفير العام
ودعت حركة حماس أهالي الضفة الغربية المحتلة إلى “النفير العام”، و”تصعيد الاشتباك” مع القوات الإسرائيلية في جنين، والعمل على إرباكها وإفشال ما وصفته بـ”العدوان الصهيوني الواسع” على مدينة جنين ومخيمها.
جاء ذلك في بيان نشرته الحركة على حسابها على تليغرام، ناعية من قتلوا بالرصاص الإسرائيلي، ومشيدة “ببسالة المقاومين” وتصديهم واشتباكهم مع الجنود الإسرائيليين بالعبوات الناسفة.
واستنكرت حماس ما وصفته بانسحاب أجهزة السلطة الفلسطينية من محيط مخيم جنين بالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية، “بعد حصار دام أكثر من 48 يوماً للمخيم، وتعطيلها للاتفاق مع المقاومين حتى اليوم، ورفضها كل النداءات الوطنية لوقف إجراءاتها الخطيرة بحق المناضلين والمقاومين”.
من جهتها، دعت حركة الجهاد الإسلامي أهالي الضفة الغربية إلى التصدي بكل الوسائل والسبل، لما وصفتها بـ”الحملة المجرمة” وإفشال أهدافها، مؤكدة أن مقاتليها ومقاتلين آخرين من حركات المقاومة، يخوضون “أروع الملاحم”، ضد ما وصفتها الحركة بـ”حلقة في سلسلة الإبادة الشاملة” ضد الشعب الفلسطيني.
وأوضح البيان أن هذا التحرك “الوحشي والهمجي” هو انعكاس لمأزق تعيشه “إسرائيل”، بعد فشلها في تحقيق أهدافها في غزة، في محاولة يائسة لإنقاذ الائتلاف الحكومي “المترنح”، كما أنه يهدف لتعكير أجواء فرحة أهالي الضفة بإجبار “العدو” على تحرير جزء كبير من سجنائهم، بحسب البيان.
عدوان المستوطنين
وفي وقت سابق، أصيب 21 فلسطينياً وأحرقت مركبات ومنشآت تجارية وأجزاء من منازل، مساء الإثنين، في هجوم لمستوطنين إسرائيليين على قريتي جينصافوط والفندق، شرقي مدينة قلقيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وأفاد رئيس مجلس قروي جينصافوط، جلال بشير، بأن عشرات المستوطنين هاجموا القرية وأحرقوا أجزاء من منازل، ومحلات تجارية، لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلي اقتحم القرية خلال هجوم المستوطنين.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها تعاملت مع 21 إصابة في قرية الفندق، 12 منها ناجمة عن التعرض للضرب المبرح، وتسعة من استنشاق الغاز السام، وفق مراسلة بي بي سي في الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت تقارير إسرائيلية بأن عنصراً من قوات الأمن الإسرائيلية، أطلق النار على مستوطنين اثنين ملثّمين، خلال هجومهم على الفندق، بدعوى إحساسه بالخطر والتهديد على حياته.
ولفتت التقارير إلى أن إصابة أحدهما حرجة، فيما وُصفت إصابة الآخر بالمتوسطة.
وتعرضت عدة قرى وبلدات فلسطينية لاعتداءات من المستوطنين ليلة الإثنين، مثل قرية الخضر وحجة وتقوع، ما تسبب بأضرار مادية في المنازل والمركبات.
واقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة عزون شرقي مدينة قلقيلية واعتقلت عشرات الشبان بعد مداهمة منازلهم.
ونقل مراسل بي بي سي عن مصادر محلية أن “الجيش الإسرائيلي داهم عدداً كبيراً من المنازل واعتقل نحو 70 شاباً، ونكّل بهم”.
وأظهرت صور من المكان، أن عناصر في الجيش الإسرائيلي، أجبروا محتجزين على الانبطاح أرضاً.
كما فرض الجيش الإسرائيلي طوقاً أمنياً على جميع مداخل ومخارج مدن الضفة الغربية، وفرض إغلاقاً وأقام بوابات حديدية، ما تسبب بأزمات سير خانقة وعرقلة وصول المواطنين الفلسطينيين لبلداتهم ومنازلهم.
يشار إلى أن الطفل الفلسطيني أحمد رشدي جزر (14 عاماً)، كان قد قتل مساء الأحد، متأثراً بإصابته برصاص القوات الإسرائيلية خلال اقتحام سبسطية شمالي غرب نابلس، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا.
وتشهد الضفة الغربية، التي تعد محتلة منذ عام 1967 وفق القوانين الدولية، تصاعداً ملحوظاً في تشديد الإجراءات الأمنية على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين الفلسطينيين.
وبحسب تقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بلغ عدد الحواجز والعوائق الإسرائيلية في الضفة الغربية 872 حاجزاً وبوابة عسكرية، مع إضافة 145 بوابة جديدة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأدت الإجراءات إلى تقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية، ما أثر سلباً على حياة المواطنين اليومية، وصعوبة الوصول إلى أماكن العمل والتعليم والمراكز الصحية.
قرارات ووعود ترامب تثير ردود فعل دولية واسعة
وتثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض آمالاً متجدّدة في نفوس مؤيّدي الاستيطان الذين يطمحون لضمّ أجزاء من الضفة الغربية.
وأعلن ترامب عن إلغاء العقوبات الأمريكية المفروضة على المستوطنين في الضفة الغربية.
وألغى ترامب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق جو بايدن، بفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وكان الأمر التنفيذي الذي وقعه بايدن في شباط/فبراير 2024 يهدف إلى إدراج مجموعات من المستوطنين المتهمين بممارسة العنف على القوائم السوداء الأميركية.
ونقل موقع “واللا” عن السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، مايك هرتسوغ، أن ترامب سيقرر قريباً رفع الحظر المفروض على توريد قنابل بوزن 2000 رطل لإسرائيل، وهو قرار فرضته إدارة بايدن سابقاً.
وكان وزير المال اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش الذي هو نفسه مستوطن، قد صرح سابقاً بأن 2025 “سيكون عام السيادة على يهودا والسامرة”، بحسب التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة.
وكالات