حان الوقت لقطع المساعدات العسكرية عن الصومال
فيما يلي ترجمة لمقال كتبه الدكتور مايكل روبين، وهو زميل أول في معهد أمريكان إنتربرايز ومدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط، ومسؤول سابق في البنتاغون، عاش في إيران ما بعد الثورة، واليمن، والعراق ما قبل الحرب وما بعدها. كما أمضى بعض الوقت مع طالبان قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر. لأكثر من عقد، درّس وحدات البحرية الأمريكية ومشاة البحرية في البحر حول صراعات القرن الأفريقي والشرق الأوسط، والثقافة، والإرهاب.
المقال نشر على صحيفة ناشيونال سكيورتي.
تدعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي الجيش الصومالي للمساعدة في مكافحة حركة الشباب المجاهدين. منذ ما يقرب من 20 عامًا، حاربت الحكومة الصومالية المعترف بها دوليًا حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة.
تنفق الولايات المتحدة في المتوسط 100 مليون دولار سنويًا على تدريب وتجهيز الجيش الوطني الصومالي، كما تساعد في تدريب لواء داناب النخبوي.
لا يشمل هذا الرقم تكاليف العمليات العسكرية الداعمة، بما في ذلك عمليات الانتشار الأمريكية، والغارات الجوية والطائرات بدون طيار، دعماً لشركائها الصوماليين، ولا ما يقارب 20 مليار دولار ضختها الحكومة الأمريكية في المساعدات الإنمائية ودعم الحكومة الصومالية.
في الوقت نفسه، يقدم الاتحاد الأوروبي دعماً مالياً ولوجستياً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، ويدير برامج بناء قدرات الجيش الوطني الصومالي. منذ عام 2007، ضخت بروكسل أكثر من 3 مليارات دولار في جهودها.
في الوقت نفسه، يقدم الاتحاد الأفريقي للصومال مركبات مدرعة وخوذات وسترات واقية.
استثمار سيء
هذا الدعم، بدلاً من أن يعزز الأمن في القرن الأفريقي، يُهدر المليارات ويقوّض الاستقرار. فالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الذي تولّى المنصب بين عامي 2012 و2017 وعاد إلى السلطة منذ عام 2022، يُعد إما عاجزاً أو فاسداً. وتحتل الصومال المرتبة الثانية عالميًا في مؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، بعد جنوب السودان.
يجب أن يكون هذا جرس إنذار لأي جهة مانحة. إلا أن الحرب نفسها تزيد الطين بلة، إذ إن حكومة مقديشو تُحوّل الأسلحة والقوات والتمويل بعيداً عن مواجهة حركة الشباب المجاهدين، لتخدم أجندات سياسية ضيقة.
وفي 6 يوليو 2025، وافقت الحكومة الصومالية على تسليم أسلحة إلى مدينة “لاسعانود”، الواقعة في صومالي لاند، والتي سيطرت عليها قوات صومالية مدعومة من الصين في محاولة لزعزعة استقرار صومالي لاند ذات العلاقات الودية مع تايوان.
وفي اليوم التالي، شنت حركة الشباب المجاهدين هجمات في منطقة هيران وسط الصومال، ما أدى إلى انسحاب القوات الصومالية وترك المنطقة فريسة سهلة لتوسيع نفوذ الحركة.
وهكذا، أصبحت الدول الغربية والمجتمع الدولي يمولون أوهام مقديشو وأجندات حسن شيخ محمود الصغيرة، في الوقت الذي تزداد فيه حركة الشباب المجاهدين قوة وانتشاراً.
نماذج مشابهة
الصومال ليست الدولة الوحيدة التي تستغل سخاء الغرب تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. فمصر تتلقى مليارات الدولارات لمحاربة المسلحين في سيناء لكنها تفشل باستمرار في تحقيق ذلك. يدرك كبار جنرالات مصر أنهم سيفقدون المساعدات إذا نجحوا فعلاً في مهمتهم.
أما باكستان، فهي مثال أوضح على هذا النمط؛ إذ تتلقى المساعدات الأمنية بينما تواصل دعم الجماعات الإرهابية التي تزعم محاربتها.
لا الرئيس دونالد ترامب ولا وزير الخارجية ماركو روبيو يخشيان كسر التقاليد الدبلوماسية. وبدلاً من تكرار أخطاء الرؤساء باراك أوباما وجو بايدن، ووزراء الخارجية هيلاري كلينتون، جون كيري، وأنتوني بلينكن، يجب عليهما التوقف عن هدر الأموال والاعتراف بأن فساد حسن شيخ محمود وعبثه السياسي يمثلان تهديدًا للسلم والاستقرار لا يقل خطورة عن حركة الشباب المجاهدين نفسها.