قمة الأفارقة تواجه الحقيقة المرة: إخفاق سياسي وتمويل متعثر في حرب منهكة على أرض الصومال
في خضم تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الصومال، انعقد الخميس الماضي اجتماع وزاري رفيع المستوى عبر الإنترنت تحت مظلة “مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي”، لمناقشة التحديات التي تواجه العملية العسكرية الإفريقية “AUSSOM” والمواجهة المستمرة ضد ما وُصف بـ”التوسع الجهادي” في شرق إفريقيا.
حضر الاجتماع ممثلون عن الأمم المتحدة، منظمة IGAD، الاتحاد الأوروبي، ودول أعضاء في الاتحاد الإفريقي، وكان برئاسة أوغندا التي تُعد من أبرز الدول المساهمة عسكريًا في البعثة الإفريقية.
وزير الخارجية الأوغندي، الجنرال أودونغو جيجي أبوبكر، افتتح الجلسة مشيرًا إلى الحادثة الأخيرة التي شهدت تحطم طائرة عسكرية أوغندية في قاعدة “هلاني” بمقديشو، والتي أسفرت عن مقتل خمسة من جنوده. هذا الحادث كان مؤشرًا رمزيًا يعكس حجم التحديات والمخاطر المتزايدة التي تواجه القوات الإفريقية في الصومال.
نبرة تشاؤم تسود الاجتماع
المداولات اتسمت بالقلق وخيبة الأمل، وسط تصاعد الهجمات من قبل “المجاهدين”، واتساع رقعة سيطرتهم على الأرض، مقابل تراجع معنوي وميداني لقوات التحالف الإفريقي.
الوزير الأوغندي دعا إلى المضي قدمًا في العملية العسكرية، وعدم التفكير في أي انسحاب أو تقليص للقوات، محذرًا من التخلي عن أهداف “التحالف الدولي” في البلاد.
من جهته، طالب “وزير الدولة للشؤون الخارجية” في حكومة الصومال، علي بلعد، المجتمعين بتوفير دعم مالي عاجل للقوات الإفريقية، منتقدًا تراجع المانحين التقليديين. ودعا بشكل مباشر دول الاتحاد الإفريقي للمساهمة الفعلية في تمويل البعثة.
نزيف بشري ومالي يهدد العملية
البيان الختامي للمؤتمر أقرّ بالخسائر البشرية الفادحة في صفوف القوات الإفريقية، مع تقديم تعازٍ لأسر الضحايا. كما ناقش التحديات المالية الكبيرة التي تهدد استمرار البعثة، داعيًا إلى تكثيف التنسيق مع الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا لتأمين دعم إضافي.
ومن أبرز نتائج الاجتماع، تقرر تمديد بقاء القوات البوروندية لمدة ستة أشهر إضافية، بعد أن كان من المفترض سحبها نهاية يونيو الماضي. هذا القرار جاء نتيجة تأخر اعتماد القوات المصرية كبديل محتمل، بسبب تعقيدات إدارية داخل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.
كذلك، تم تأجيل سحب قوات الشرطة من غانا وسيراليون، رغم أن خططًا سابقة كانت تهدف لاستبدالها.
تفكك في الدعم الأوروبي والأمريكي
في تطور لافت، نقلت صحيفة إيست أفريكان عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي تأكيدهم عدم استعدادهم لتقديم مزيد من الدعم المالي للعملية في الوقت الراهن، وهو ما يعكس انسحابًا تدريجيًا للدعم الغربي.
الولايات المتحدة من جهتها كانت قد رفضت مسبقًا تقديم تمويل إضافي، وهو ما يعمّق أزمة تمويل هذه الحملة العسكرية المعقدة والمكلفة.
رفع سقف التمويل دون ضمانات
كمحاولة لإنقاذ الموقف، وافق الوزراء على زيادة السقف المالي لصندوق الطوارئ التابع للاتحاد الإفريقي ليصل إلى 20 مليون دولار خلال عام 2025، وذلك لإنعاش الحملة وتغطية بعض النفقات الضرورية، رغم أن هذا المبلغ يُعد ضئيلاً مقارنة بالتكاليف الحقيقية.
قمة بلا أفق واضح
انتهى الاجتماع دون التوصل إلى حلول جذرية أو قرارات حاسمة لمعالجة الانهيار الأمني والمالي المتسارع في العملية العسكرية بالصومال.
وبينما تتراجع معنويات القوات الإفريقية وتضعف شبكات تمويلها، يواصل “المجاهدون” توسيع نفوذهم على الأرض، مؤسسين إدارة محلية تحت راية “الرسول صلى الله عليه وسلم”، وفقًا للتقارير.
هذا المشهد يعكس مأزقًا استراتيجيًا يواجه الاتحاد الإفريقي، ويطرح أسئلة جدية حول مستقبل الوجود العسكري الإفريقي في الصومال، والجدوى من استمرار معركة يبدو أنها تفتقر إلى الإرادة السياسية، الدعم المالي، والتكتيك الميداني الكافي لتحقيق أهدافها.