كيف ردّت أفريقيا على الصراع بين إيران والاحتلال الإسرائيلي؟

 

لا تزال الدول الإفريقية منقسمة، فبعضها أدان الضربات الالاحتلال الإسرائيليية على إيران، بينما التزم البعض الآخر الصمت.

 

مع تصاعد الأعمال العدائية بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، أصدرت الدول الإفريقية ردود فعل متفاوتة على الضربات الجوية الإسرائيليية المستمرة ضد إيران. ففي حين أدانت بعض الدول، مثل جنوب إفريقيا، والسودان، وموريتانيا، هذه الهجمات، امتنعت دول أخرى عن أي تعليق.

 

وكان الاتحاد الإفريقي من أوائل الجهات التي أبدت رد فعل، حيث عبّر عن “قلقه العميق” إزاء التصعيد العنيف الذي أدى إلى مقتل مئات الإيرانيين وإصابة الآلاف، داعياً جميع الأطراف إلى تجنّب المزيد من الأعمال العسكرية.

 

وفي بيان له، حثّ الاتحاد على “أقصى درجات ضبط النفس”، محذّراً من أن الوضع يشكّل “تهديداً خطيراً للسلام والأمن الدوليين”.

 

الإدانة، والقلق، والصمت

أدانت جنوب إفريقيا، الحليف التاريخي للقضية الفلسطينية، الهجوم الإسرائيليي واعتبرته انتهاكاً للقانون الدولي. وقد دأبت البلاد على معارضة التحركات العسكرية الإسرائيليية في غزة. وفي ديسمبر 2023، رفعت قضية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية.

 

من جهتها، أصدرت موريتانيا بياناً شديد اللهجة أدانت فيه الضربات ووصفتها بأنها “اعتداء على سيادة إيران وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة”. كما خرجت مظاهرات أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط تندد بالهجمات الإسرائيليية.

 

في مصر، حذّر وزير الخارجية بدر عبد العاطي من أن المواجهة العسكرية المستمرة تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي. وذكر في بيان أن القاهرة تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية لاحتواء الأزمة ومنع التصعيد.

 

كما نددت وزارة الخارجية السودانية بالغارات الجوية ووصفتها بأنها “عدوان غير مبرر”. وأفادت تقارير إعلامية محلية بوجود مخاوف من أن يؤدي الصراع إلى توريط البلاد، التي تعاني أصلاً من الحرب، في توترات إقليمية أوسع، لا سيما في ظل ما يُقال عن علاقات بين إيران وبعض الفصائل داخل الجيش السوداني.

 

أما كينيا ونيجيريا فقد أصدرتا بيانات متوازنة دعتا فيها إلى التهدئة والحوار. وقال رئيس بنين، باتريس تالون، إن تدهور الوضع في المنطقة يُشكل تهديداً للأمن العالمي ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس.

 

كما أعربت دول أخرى، مثل الجزائر، والسنغال، وغينيا بيساو، عن قلقها، في حين لم تُصدر بعض الدول الأخرى أي تعليق حتى الآن.

 

العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي تُحدد المواقف

امتنعت عدة دول إفريقية تربطها علاقات وثيقة بالاحتلال الإسرائيلي عن التعليق. من بين هذه الدول المغرب، الذي لم يصدر أي بيان رسمي حتى الآن.

 

وكان المغرب قد طبّع علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي في ديسمبر 2020 في إطار “اتفاقات أبراهام” التي رعتها الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين، تعزز التعاون بين الجانبين في مجالات الدفاع، والأمن السيبراني، والتجارة. وفي عام 2021، افتتحت الاحتلال الإسرائيلي مكتب اتصال في الرباط، وتسلمت المملكة معدات عسكرية متطورة من بينها طائرات مسيّرة وأنظمة دفاع جوي.

 

وتعد رواندا حليفاً آخر لالاحتلال الإسرائيلي وقد التزمت الصمت أيضاً. تتعاون كيغالي وتل أبيب منذ فترة طويلة في مجالات الاستخبارات، والأمن، والتكنولوجيا الزراعية.

 

أما ساحل العاج، والكاميرون، وكينيا، وإثيوبيا، فجميعها لها علاقات ثنائية قوية مع الاحتلال الإسرائيلي، وقد تجنّبت إصدار بيانات مباشرة بشأن الضربات، واكتفت بتصريحات عامة تدعو إلى الاستقرار الإقليمي.

 

وأشار محللون إلى أن هذا الحياد قد يكون نابعاً من رغبة تلك الدول في الحفاظ على علاقاتها الإستراتيجية مع تل أبيب، وتجنّب ردود الفعل الداخلية أو التوترات الدبلوماسية مع حلفاء أفارقة أو شرق أوسطيين. كما أن العديد من هذه الدول لا تزال تعتمد على التمويل التنموي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واللذين يدعمان بشكل عام سياسات موالية لالاحتلال الإسرائيلي.

 

الآثار الاقتصادية

بدأت تداعيات التصعيد الأخير بالظهور في مراكز الاقتصاد الإفريقية، حيث كشفت عن هشاشة بعض الدول في مجالات الطاقة، وشبكات التجارة، وأسعار الوقود.

 

ووفقاً لصحيفة “ذا بانش” النيجيرية، ارتفعت أسعار البنزين محلياً لتتجاوز 900 نيرة (0.58 دولار) للتر، وسط مخاوف عالمية من تعطل إمدادات النفط.

وكانت مصر من أكثر الدول تضرراً، إذ تعتمد تاريخياً على واردات الغاز من الاحتلال الإسرائيلي لتلبية احتياجاتها الداخلية. وبعد إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لحقل “تمار” للغاز في شرق البحر المتوسط في 13 يونيو، انخفضت إمدادات مصر بنحو 800 مليون قدم مكعب يومياً.

وردّاً على ذلك، فعّلت الحكومة المصرية خطة طوارئ للطاقة شملت تعليق إمدادات الغاز لبعض الصناعات.

لكن التأثير الاقتصادي المباشر في دول أخرى يُرجّح أن يكون محدوداً، نظراً لأن صادرات إيران النفطية لا تزال خاضعة للعقوبات وتُعد صغيرة مقارنة بالإمدادات العالمية.

 

وكالات