كينيا على صفيح ساخن: مظاهرات حاشدة ضد الفساد والعنف الأمني بعد مقتل شاب داخل السجن
شهدت شوارع العاصمة الكينية نيروبي وعدد من المدن الكبرى اليوم احتجاجات واسعة النطاق، خرج خلالها آلاف المتظاهرين رفضاً لتدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع معدلات الفساد، والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الأمن بحق المدنيين، وسط حالة من الغضب الشعبي المتزايد.
وأفاد شهود عيان أن الاحتجاجات اندلعت منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث قام المتظاهرون بإغلاق شوارع رئيسية ورفعوا لافتات تُندد بالعنف البوليسي والاغتيالات خارج إطار القانون، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وعلى رأسها حادثة مقتل أحد الشباب داخل أحد السجون على يد الشرطة.
الاحتجاجات تأتي تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لموجة المظاهرات الكبرى التي اجتاحت البلاد العام الماضي، احتجاجاً على خطط الحكومة لرفع الضرائب، والتي أسفرت حينها عن مقتل ما لا يقل عن 60 شخصاً، ولا يزال مصير أكثر من 20 آخرين مجهولاً حتى اليوم.
وأغلقت قوات الأمن جميع الطرق المؤدية إلى الحي التجاري الرئيسي في العاصمة، كما طوقت المباني الحكومية بأسلاك شائكة أمنية، فيما ارتدى عناصر الشرطة معدات مكافحة الشغب وانتشروا بكثافة في مفترقات الطرق ومداخل المؤسسات الحساسة.
من جانبها، نشرت وزارة الداخلية الكينية بياناً عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، حذّرت فيه المتظاهرين من الاقتراب من المنشآت الحكومية، ووصفت أي محاولة من هذا النوع بأنها “خرق أمني خطير”. كما صدرت بيانات تحذيرية مماثلة عن سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ودول أوروبية أخرى دعت رعاياها إلى توخي الحذر وتجنب أماكن التجمعات.
وكانت شرارة هذه الاحتجاجات قد تجددت على خلفية حادثة مقتل الناشط والمدوّن “أوجوانغ”، الذي كان يعمل في سلك التعليم ويُنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لقي مصرعه داخل أحد السجون بطريقة وصفت بـ”المتوحشة”، ما فجر موجة استياء واسعة.
وكانت الشرطة قد زعمت في البداية أن أوجوانغ أقدم على الانتحار داخل الحجز، لكن تقرير الطب الشرعي اللاحق كشف عن إصابات متعددة تؤكد تعرضه للضرب المبرح، ما أجبر قائد الشرطة على تقديم اعتذار علني عن الواقعة.
وفي هذا السياق، تم إيداع ضابطي شرطة السجن على خلفية القضية، بعد أن أثبتت التحقيقات تورطهم في إطلاق النار على أحد المدنيين العزّل خلال احتجاجات سابقة مرتبطة بالحادثة.
الرئيس الكيني ويليام روتو أقرّ بمسؤولية الشرطة عن مقتل أوجوانغ، في اعتراف نادر من نوعه، ما اعتبره مراقبون مؤشراً على حجم الضغط الذي تمارسه الشوارع الكينية على السلطات، وسط تصاعد دعوات المطالبة بالإصلاحات الأمنية الشاملة.