مركز أبحاث إسرائيلي: تأثير الدومينو المميت للإسلاموية في القرن الأفريقي

كتب شلومي مايكلز لمركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، المتخصص في الدبلوماسية العامة والسياسة الخارجية للاحتلال الإسرائيلي مقالة بعنوان: تأثير الدومينو المميت للإسلاموية في القرن الأفريقي، جاء فيه كم من المغالطات والتضليلات كعادة اليهود:

 

وبحسب الكاتب، “يتشكل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل متزايد من خلال العلاقات بين مختلف الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. وقد وضع اللاعبون الرئيسيون مثل قطر وتركيا، مدفوعين بعقيدة الإخوان المسلمين، أنفسهم كمؤيدين لبعض الحركات الإسلامية، بما في ذلك الحوثيين في اليمن، وحركة الشباب في الصومال، والقوات المسلحة السودانية في السودان. تهدد هذه التحالفات الأمن والاستقرار الإقليميين، لا سيما فيما يتعلق بالصراع الدائر في القرن الأفريقي، مع تعميق الأزمات خاصة في السودان والصومال”. وهنا أول مغالطة وتدليس غبي، فحركة الشباب المجاهدين ليست من الإخوان المسلمين بل سلفية جهادية، وهي محاربة إعلاميا وسياسيا وعسكريا من قطر وتركيا. وبهذا يدس المقال السم لتمرير خلاصات متناقضة وكاذبة.

 

نفوذ قطر والحركات الإسلامية

وتحت عنوان “نفوذ قطر والحركات الإسلامية” يقول الكاتب:”أقامت قطر علاقات مع مجموعة من الجماعات الإسلامية، وغالبا ما تروج للإسلام السياسي باعتباره رواية مضادة للأنظمة الاستبدادية في المنطقة. يوضح دعم حركة الحوثيين في اليمن، التي انخرطت في صراع طويل الأمد ضد التحالف الذي تقوده السعودية، هذا النهج. غالبا ما يشمل دعم قطر الدعم المالي والاعتراف الدبلوماسي ووسائل الإعلام مثل الجزيرة التي تضخم رواياتها”.

 

ويضيف:”في الصومال، كان انخراط قطر مع حركة الشباب أكثر تعقيدا. وفي حين أن الجماعة مصنفة كمنظمة إرهابية، إلا أن قطر معروفة أيضا بدعمها لفصائل مختلفة داخل الحكومة الصومالية، بهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة مع مواجهة نفوذ الجماعات المتنافسة في الوقت نفسه. ويعقد هذا النهج المزدوج المشهد السياسي المحلي وغالبا ما يؤدي إلى تفاقم التوترات القائمة”.

وعبارات الكاتب مضطربة ولا تصنع ربطا معقولا بين المعطيات، فما دخل دعم قطر للحكومة وفصائلها بحركة الشباب المجاهدين، فيه في موقف المحارب للحركة الجهادية ونظامها الإسلامي وليس الداعم لها كما يحاول أن يوهم بفشل.

 

دور تركيا في دعم الجماعات المتطرفة

وتحت عنوان “دور تركيا في دعم الجماعات المتطرفة” جاء في مقال الكاتب في مركز بحثي، كذب آخر صريح وتحريف للحقائق أحق فيقول:” برزت تركيا كحليف رئيسي لقطر في دعم الحركات الإسلامية المختلفة. وغالبا ما يشمل دعمها العسكري واللوجستي أسلحة وتدريبات متقدمة، مما يزيد من تمكين جماعات مثل الحوثيين وحركة الشباب. وتتماشى مصالح تركيا الاستراتيجية في هذه المناطق مع طموحاتها الأوسع نطاقا لإظهار القوة والنفوذ في العالم الإسلامي”.

فكيف تدعم تركيا حركة الشباب المجاهدين وهي تعلن حربا شرسة عليها؟ وتستخدم فيها القوات الخاصة المدربة على يدي قواتها، والقصوفات بالطائرات المسيرة؟ كيف تزيد تركيا من تمكين حركة الشباب المجاهدين؟  بهذا الربط السقيم؟ إلا إن كان الكاتب المتكلف، يقصد الغنائم التي تحصل عليها حركة الشباب من قتالها للقوات النخبة المدربة في تركيا! وهو ربط مضلل ومحاولة فاشلة من الكاتب لإقحام تركيا في تمكين حركة الشباب المجاهدين. مع التأكيد على أن دور تركيا يتناغم والمصالح الأمريكية تماما في المنطقة، ويمشي بانسجام لمنع إقامة نظام حكم إسلامي شامل ومستقل في البلاد.

 

ويسوق الكاتب المتكلف أكذوبة أخرى فيقول:”في اليمن، قدمت تركيا مساعدات إنسانية وإمدادات عسكرية للحوثيين، معتبرة كفاحهم جزءا من مقاومة أوسع ضد الهيمنة السعودية في المنطقة. وبالمثل، في الصومال، استثمرت تركيا بكثافة في الجيش الوطني الصومالي ومشاريع البنية التحتية، بينما أفادت التقارير أيضا بتقديم الدعم للفصائل المتحالفة مع حركة الشباب، مما يعقد الحرب ضد الإرهاب”.

لم تقدم تركيا أي دعم يدعم حركة الشباب المجاهدين كما أنه لا يوجد فصائل تتحالف مع الحركة سوى القبائل المحلية، فعن أي فصائل يتحدث وفي الصومال وحدة الجماعة معلومة تحت قيادة حركة الشباب المجاهدين بتحالف مع القبائل المحلية؟! وهكذا يكذب الكاتب في مركز بحثي، بلا خجل ويجد له جمهورا يقرأ بلا تبيّن، فيستمر نشر الكذب والبهتان، على طريقة يهود.

 

اتصال الإخوان المسلمين

وتحت عنوان “اتصال الإخوان المسلمين” يرجع الكاتب للحديث عن الإخوان المسلمين فيقول:”لقد دعمت كل من قطر وتركيا تاريخيا جماعة الإخوان المسلمين وفروعها في جميع أنحاء العالم العربي، واعتبرتها جهات سياسية شرعية. وقد عزز هذا الاصطفاف شبكة من الجماعات الإسلامية التي تشترك في الأيديولوجيات والأهداف، مما أدى إلى زيادة التعاون فيما بينها. في السودان، كان نفوذ جماعة الإخوان المسلمين كبيرا بشكل خاص، حيث تتنافس الفصائل على السلطة وسط الصراع المستمر.

يعود إرث الإخوان المسلمين في السودان إلى عقود مضت، وقد لعب أعضاؤها أدوارا حاسمة في مختلف الحكومات. ومع ذلك، أدى الصراع الحالي بين القوات المسلحة السودانية الإسلامية وقوات الدعم السريع العلمانية إلى زيادة الانقسام في المشهد السياسي. ويزيد دعم قطر وتركيا للفصائل الإسلامية تعقيد الوضع، حيث غالبا ما يكون لهذه الجماعات مصالح وولاءات متنافسة”.

ويضيف:”غالبا ما يتم التغاضي عن الوضع الداخلي الهش في مصر. في حين أن الرئيس السابق محمد مرسي يتمتع بحكم محدود فقط، إلا أن ما يقرب من 60 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 110 ملايين نسمة معروفون بأنهم يدعمون جماعة الإخوان المسلمين. وهذا يؤثر على علاقة حكومة السيسي بحماس”، في إشارة إلى أن الكاتب يرى أن أكثر من نصف الشعب المصري مناصر للإخوان المسلمين، وبالتالي يمهد لمشروعية إبادتهم كما فعلت الإبادة الإسرائيلية بشعب غزة بحجة حربها على حماس. وهكذا يعمل الإعلام ومؤسسات اليهود، يمهدون لجرائم الإبادات مبكرا بتقريرات مضللة.

 

الوضع في السودان

ولم يتوقف الكاتب عن التكلف بالتدليس أيضا في ملف السودان حيث يقول:”والسودان غارق حاليا في صراع، في المقام الأول بين القوات المسلحة السودانية الإسلامية وقوات الدعم السريع العلمانية، وكلاهما لهما علاقات تاريخية مع الحركات الإسلامية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين. وقد تسبب العنف المستمر في أزمة إنسانية، حيث نزح الملايين ويحتاجون إلى المساعدة. يضيف التدخل الأجنبي، وخاصة من قطر وتركيا، طبقات من التعقيد إلى الصراع”.

فلم يذكر دور الإمارات حليفة إسرائيل المقربة، ولا ميليشيات الدعم السريع، في واقع السودان المحتقن. فكل مشاكل الاحتلال الإسرائيلي تختزل في جماعات إسلامية، وليس في أي عامل آخر.

ويواصل مهملا تماما دور الإمارات في الانقسام:”ينظر أحيانا إلى الدعم المالي الذي تقدمه قطر لمختلف الفصائل على أنه محاولة للحفاظ على نفوذها على الحكومة الانتقالية في السودان. وفي الوقت نفسه، عززت المساعدة العسكرية التركية والدعم السياسي بعض الجماعات، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات. يثير هذا التدخل الأجنبي تساؤلات حول استقرار السودان على المدى الطويل وإمكانية التوصل إلى حل للصراع”.

 

تأثير الدومينو

وينهي الكاتب مقالة بالبهتان الكبير والإفك المبين، كعادة يهود فيقول تحت عنوان “تأثير الدومينو”:”ترعاه حركة الشباب الصومالية أموال قطرية، ومجهزة بأسلحة تركية، وتدربها على الأرض من قبل الإيرانيين، وهم على وشك الاستيلاء على الصومال. مقديشو معرضة لخطر السقوط في غضون أسابيع. وإذا حدث ذلك، فإن حركة الشباب، وهي جماعة إرهابية، ستسيطر على بلد أفريقي رئيسي ذي أغلبية مسلمة. وقد تحذو إريتريا حذوها قريبا”.

فمن أراد أن يشاهد نموذجا عن الإفك المبين لينظر فيما يكتبه كاتب يهودي في مركز بحقي، لا يحمل علما ولا معرفة بواقع الصومال ويتقحم نشر معلومات كاذبة عن واقع البلاد، فحركة الشباب المجاهدين لا علاقة لها بقطر ولا تركيا ولا إيران، وتقاتل منذ بدايتها وفق عقيدة سلفية جهادية ترفض تماما المساومات السياسية، كما أنها محاربة بشراسة من الأطراف المذكورة، ويبدو أن الكاتب اليهودي يرعبه جدا أن يستلم الحكم في الصومال جماعة أطلقت عمليات “القدس لن تهود” وتدّخر لواء القدس، يحمل رسالة لمدى أهدافها الجهادية.

 

ويكمل الكاتب إفكه بقول:”جيبوتي المجاورة، التي يعد موقعها الاستراتيجي على البحر الأحمر، مزيجا من الأهمية الاستراتيجية العليا والعديد من المصالح التجارية والاستخباراتية والعسكرية من قبل القوى العظمى من الغرب إلى الشرق، مثل روسيا والصين. إذا سقطت الصومال وإريتريا في أيدي المتطرفين، فسوف تتعرض إثيوبيا بشكل خطير وتترك لتدافع عن نفسها. تمثل إثيوبيا آخر بلد يقف من أجل الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي. يجب رفع العقوبات الغربية عن إثيوبيا ويجب أن تكون مجهزة ماليا وعسكريا لقيادة المعركة ضد الإسلاميين. تحتاج إسرائيل أيضا إلى دعمهم بالمعلومات الاستخباراتية كجزء من تحالف استراتيجي بين أديس أبابا والقدس وواشنطن”.

 

وهكذا يتضح المشهد أكثر بهذه الفقرة، فمخاوف اليهود حقيقية وتكبر من حركة الشباب المجاهدين إذ يعلمون جدية الأمر وما تعده حركة الشباب من جمع وقصاص من الاحتلال المسخ، ولذلك يسعون إلى جمع تصوراتهم عن الحقبة المرعبة لهم، بإعداد تحالف مع الأمريكيين والإثيوبيين، للاستعداد لمرحلة أصبحت ملامحها تتضح. 

 

ثم لننظر كيف يسقط الكاتب اليهودي الجنرال السوداني البرهان رغم أنه وقع اتفاقية التطبيع مع تل أبيب فيقول:”في السودان، لا يوجد فرق بين القوات المسلحة السودانية واللواء عبد الفتاح البرهان، السليل المباشر للزعيم السوداني المؤيد للإرهاب عمر البشير. هؤلاء القادة هم من الإخوان المسلمين حتى النخاع ويتم تمويلهم اليوم من قبل قطر وتركيا وإيران. وقد انضمت مصر، لأسبابها، إلى هذا الترتيب. تخوض القوات المسلحة السودانية الإسلامية معركة مريرة مع قوات الدعم السريع التي تبذل قصارى جهدها لمنع السودان من السقوط في أيدي الإخوان المسلمين. إنهم يدركون ما سيحدث للسودان إذا سقطت البلاد في أيدي الإسلاميين”.

فما قيمة اتفاقية التطبيع التي وقعها البرهان غير مزيد ذلة وتنكر له؟

وينتقل الكاتب “بفكر محارب” إلى مصر فيقول: “مصر هي برميل البارود المحتمل التالي. بمجرد سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السودان ودفعهم إلى مصر من الجنوب، ستنضم جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى جماعة الإخوان المسلمين في الخرطوم. ليس من المستبعد تقدير أن هذا التطور الخطير يمكن أن يؤدي إلى سيطرة حركة الشباب والإخوان على مصر بكامل ترسانة الجيش المصري، مما يهدد إسرائيل في الجنوب. من جانبها، ستجد تركيا طريقها عبر سوريا وتهدد إسرائيل من الشمال، وتضع الدولة اليهودية بين مصر وتركيا. وهذا يشكل تهديدا استراتيجيا وحتى وجوديا لمستقبل إسرائيل”.

ونسأل الله أن يحقق لحركة الشباب المجاهدين الوصول لمصر، لترتعد حروف وأوصال الكاتب اليهودي الخبيث وفريق مركزه البحثي المحارب.

 

وفي خاتمة استنتاجه يقول:

“يؤكد تفاعل النفوذ بين قطر وتركيا ومختلف الجماعات الإسلامية في اليمن والصومال والسودان على تعقيد هذا التخريب غير المتكافئ المتزايد في البحر الأحمر ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع. وبما أن القوى الأجنبية تدعم هذه الحركات، فإنها لا تشكل الديناميكيات المحلية فحسب، بل تساهم أيضا في استمرار عدم الاستقرار. وتعكس الحالة في السودان، التي تتسم بصراعاتها المتعددة الأوجه وتضارب المصالح، التحديات الأوسع نطاقا التي تواجه القرن الأفريقي والشرق الأوسط. وللمضي قدما، سيكون من الضروري بذل جهد دولي متضافر لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الصراعات وتعزيز مسارات حقيقية نحو الاستقرار والأمن والسلام.”

لأختم بقول: لو كانت تركيا وقطر حقا يحملان حكمة وعقلا، وقبل ذلك هدفا صادقا لنصرة فلسسطين ونية جادة لمصادمة دولة اليهود، لما كانوا على قائمة المحاربين لحركة الشباب المجاهدين ولما أمّنوا للاحتلال أسباب بقائه إلى اليوم، لذلك توهمات الكاتب من أن هذه الدول ستدعم صعود حركة الشباب المجاهدين مجرد تضليل ومناكفة سياسية، فهو يعلم جيدا ولا يزال يخفي حقيقة الدور التركي في دعم الاحتلال في قلب الحرب على القطاع المنكوب. ويعلم جيدا أن قطر صديق للبيت الأبيض ومخلصة في إيجاد مخرج لورطة جيشه الفاشل، والذي لولا حجم الدعم الدولي الهائل، ما تمكن من الصمود في مساحة صغيرة مثل قطاع غزة، قد لقنه فيها المقاومون الدروس الثقيلة فأفرغ غضبه وحقده على الشعب الأعزل، وسمى ذلك انتصارا. ولا يزال لا يقدر يمشي آمنا في شوارع غزة. منذ أكثر من سنة في حرب مسعورة.

وحق لمثل هذا الكاتب أن يترعد ويتخيل السيناريوهات لحصار دولته، فإن القادم جد حقا وليس بهزل، والقصاص سيكون بحكم الدماء التي سفكت والأشلاء التي تطاير والقهقات التي خرجت من حناجر المغضوب عليهم. ولن يمكن لوصف يومها أن يوفي مشهد القصاص حقه من دولة يهود المسخ.

 

فانتظروا إنا منتظرون.

 

عبد الغني محمد