ميليشيات حزب الله تشن هجوما على سوريا عبر الحدود وانطلاق مؤتمر المانحين في بروكسل
سقط عدد من القذائف الصاروخية في بلدة القصر اللبنانية الحدودية مع سوريا شمال شرقي البلاد، ليلة أمس الأحد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية، التي أضافت بأن مصدر القذائف هو ريف القصير داخل الأراضي السورية.
يأتي ذلك بعد أن اتهمت وزارة الدفاع السورية، أمس الأحد، حزب الله اللبناني بخطف ثلاثة جنود سوريين إلى لبنان وقتلهم هناك، بحسب وسائل إعلامية رسمية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن المكتب الإعلامي في وزارة الدفاع، أن مجموعة من”ميليشيا حزب الله” قامت عبر كمين بخطف ثلاثة من عناصر الجيش السوري عند الحدود اللبنانية، قبل أن تقتادهم للأراضي اللبنانية وتقوم بـ “تصفيتهم”.
وأضافت وزارة الدفاع بأنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة بعد هذا “التصعيد الخطير من قبل ميليشيا حزب الله”، مشيرة إلى أن الحادثة وقعت قرب سد زيتا غرب حمص.
من جهته، نفى حزب الله، في بيان، “بشكل قاطع” علاقته بالأحداث التي “جرت على الحدود اللبنانية السورية”.
وأضاف الحزب: “نجدّد التأكيد على ما سبق وأعلنا عنه مراراً، بأن لا علاقة لحزب الله بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية”.
وقال مصدر أمني لبناني لوكالة فرانس برس، إن “التوتر بدأ إثر دخول ثلاثة عناصر من الأمن العام السوري إلى الأراضي اللبنانية قرب بلدة القصر اللبنانية، حيث تعرضوا لإطلاق نار من أفراد عشيرة تنشط في مجال التهريب”، دون أن يوضح المصدر سبب دخولهم إلى لبنان.
وأوضح المصدر أنه بعد مقتل العناصر الثلاثة “سلّم المسلحون الجثث إلى الجيش اللبناني الذي سلمها بدوره إلى الجانب السوري”.
وهو ما أكدته وكالة الأنباء اللبنانية، التي قالت إن الجيش اللبناني سلم عبر الصليب الأحمر اللبناني ثلاث جثث لمقاتلين سوريين عند نقطة جوسية/القاع الحدودية مع سوريا.
وكان حزب الله أحد الداعمين الرئيسيين للرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل الإطاحة به في هجوم خاطف شنته فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وأعلنت السلطات الجديدة في سوريا، في فبراير/شباط الماضي، عن إطلاق حملة أمنية في محافظة حمص الحدودية، بهدف إغلاق الطرق المستخدمة في تهريب الأسلحة والبضائع.
واتهمت حزب الله بشن هجمات، وقالت إنه يرعى عصابات تهريب عبر الحدود.
وفي بداية شهر فبراير/شباط 2025، شهدت المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا تصعيداً أمنياً، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية ومسلحين من عشائر لبنانية في بلدة حاويك السورية المتاخمة للحدود اللبنانية، مما أسفر عن سقوط قتلى ووقوع عمليات خطف متبادلة بين الطرفين.
ولطالما شكلت الحدود اللبنانية السورية الممتدة على طول 330 كيلومتراً نقطة اشتباك بين الجانبين، خاصة في المناطق الشمالية الشرقية حيث لا تزال أجزاء واسعة منها غير مرسّمة، مما جعلها عرضة لعمليات تهريب واسعة النطاق، سواء للأسلحة أو الوقود أو المخدرات. وتُعدّ المنطقة الممتدة بين الهرمل اللبنانية والقصير السورية واحدة من أكثر المناطق حساسيةً، نظراً لتداخل السكان والعلاقات العشائرية الوثيقة بين جانبي الحدود.
وكانت السلطات السورية قد شددت في الأشهر التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، من إجراءاتها الأمنية في المناطق الحدودية، في محاولةٍ للحد من التهريب واستعادة السيطرة على القرى السورية التي يقطنها لبنانيون، وهو ما أدى إلى سلسلةٍ من الاشتباكات مع مسلحين محليين، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين حول مسؤولية التصعيد.
وكان رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، قد التقى في يناير/كانون الثاني الماضي، برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، في دمشق، حيث ناقشا ملفات إشكاليةً عالقةً بين البلدين، من بينها ترسيم الحدود وملف اللاجئين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية.
مؤتمر المانحين
في سياق متصل، توجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بلجيكا لحضور مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين الذي سيعقد اليوم الاثنين بمشاركة العشرات من الوزراء الأوروبيين والعرب وممثلي المنظمات الدولية.
ويستضيف الاتحاد الأوروبي المؤتمر في بروكسل منذ عام 2017، لكنه كان يعقد بدون مشاركة حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وبحسب دبلوماسيين، فإن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 -التي سارعت بعد 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى دعم العملية الانتقالية في سوريا- تريد أن تعتبر ما جرى في ما تعرف بـ”أحداث الساحل” حادثا معزولا.
وقد رحبت هذه الدول بتعيين لجنة تحقيق نصّبتها الحكومة السورية، قائلة إنه “يجب القيام بكل شيء منعا لحدوث جرائم كهذه مرة أخرى”، وفق ما جاء في بيان أصدرته.
كما أن هذه الدول مستعدة لإعادة النظر في الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا، والذي اتُفق عليه في نهاية فبراير/شباط الماضي إذا تكررت حوادث كهذه، وفقا لدبلوماسيين في بروكسل.
والأربعاء الماضي، أعلنت فرنسا أنها ستعارض أي رفع إضافي للعقوبات “إذا مرت هذه الانتهاكات بلا عقاب”.
وكانت الخارجية السورية أبدت تحفظا على المشاركة في اللقاء إذا كان مسيسا ويخدم روايات محددة ويتجاهل التأثير الخطير للعقوبات الأحادية المفروضة على البلاد.
وذكرت مصادر سورية أن التوقعات الرسمية من المؤتمر تنصبّ على الحصول على دعم لجهود الحكومة السورية لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لعودة اللاجئين، والوفاء بوعود الدول المانحة بدعم البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم والاتصالات.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن مؤتمر دعم مستقبل سوريا يحظى بأهمية كبيرة، خصوصا في ظل تقليص الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب برامج المساعدات الإنسانية والتنموية.
كما نقلت الوكالة عن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس قولها إن هذا وقت الاحتياجات والتحديات الملحة بالنسبة لسوريا كما اتضح بشكل مأساوي من موجة العنف الأخيرة في المناطق الساحلية.
وأضافت كالاس أن هذا أيضا “وقت للأمل”، مستشهدة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في 10 مارس/آذار الجاري لدمج قوات سوريا الديمقراطية -التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، والتي تسيطر على جزء كبير من شمال شرقي سوريا- في مؤسسات الدولة الجديدة.
وأسفر مؤتمر العام الماضي عن تعهدات بتقديم 7.5 مليارات يورو (8.1 مليارات دولار) في شكل منح وقروض، مع تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 2.12 مليار يورو في عامي 2024 و2025.
ووفقا للاتحاد الأوروبي، يحتاج نحو 16.5 مليون شخص في سوريا إلى مساعدات إنسانية، منهم 12.9 مليونا يحتاجون إلى مساعدات غذائية.
وتسعى السلطات السورية الجديدة إلى حلّ الجماعات المسلّحة وبسط سيطرة الدولة على كامل أراضي البلاد، منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد حرب أهلية استمرت أكثر من 13 عاماً.
ووقّع الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية، مظلوم عبدي، اتفاقاً ينصّ على “دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”. ويُفترض أن يدخل الاتّفاق حيّز التنفيذ بحلول نهاية العام.
وكالات