هل تقترب صومالي لاند من تحقيق حلم الاعتراف الدولي؟

تشهد قضية صومالي لاند – الإقليم الانفصالي في شمال الصومال – تطورات دبلوماسية متسارعة تعزز من احتمالات نيله اعترافًا دوليًا طال انتظاره منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وقاد رئيس صومالي لاند عبد الرحمن محمد عبد الله (عرّو) وفدًا رفيع المستوى إلى العاصمة الكينية نيروبي في زيارة رسمية شهدت لقاءات واجتماعات رفيعة مع مسؤولين كينيين ودوليين، وسط إشارات لافتة إلى تحولات محتملة في موقف بعض القوى الكبرى تجاه الكيان غير المعترف به رسميًا حتى الآن.

 

لقاءات رفيعة المستوى مع القيادة الكينية

وفي تطور لافت، استقبل الرئيس الكيني ويليام روتو رئيس صومالي لاند والوفد المرافق له في القصر الرئاسي بالعاصمة نيروبي في لقاء رسمي، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة اعتراف ضمني بمكانة صومالي لاند السياسية. كما التقى عرّو برئيس مجلس الشعب الكيني موسى ويتانغولا، الذي رحّب بالوفد بحرارة وأشاد بالنظام السياسي في صومالي لاند، معربًا عن استعداد البرلمان الكيني لتطوير تعاون برلماني عميق معها.

 

وخلال زيارته، افتتح عبد الرحمن عرّو مبنى جديدًا لما أُطلق عليه اسم “سفارة صومالي لاند” في كينيا، رغم أن وزارة الخارجية الكينية سارعت إلى تخفيض مستوى الاعتراف الرسمي بالسفارة بعد ضغوط وانتقادات أثارها نشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

لقاءات مع المجتمع الدولي والهيئات الأممية

لم تقتصر اللقاءات على المسؤولين الكينيين فقط، بل شملت أيضاً ممثلين عن ما يُعرف بـ”المجتمع الدولي”، وهيئات تابعة للأمم المتحدة، ودبلوماسيين غربيين بارزين. وقد تعهدت هذه الأطراف، وفقًا لمصادر دبلوماسية، بتعزيز التعاون مع صومالي لاند على أسس الشراكة والتفاهم المشترك، في إشارة إلى تزايد اهتمام المجتمع الدولي بالكيان الانفصالي.

 

وفي كلمة ألقاها خلال أحد الاجتماعات، قال عرّو:

“هذا اللقاء لا يرمز فقط إلى خطوة سياسية، بل يؤكد أن الاعتراف الدولي بات قريبًا من دولة مستقرة تلتزم بالديمقراطية وسيادة القانون في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية”.

 

وأضاف بأن صومالي لاند، رغم غياب الاعتراف الدولي والدعم الخارجي طيلة الثلاثين عامًا الماضية، تمكنت من بناء مؤسسات ديمقراطية قوية وحافظت على أمن شواطئها الممتدة على 850 كيلومترًا وأجرت انتخابات سلمية.

 

وأكد عرّو: “لم نأتِ إلى نيروبي لاستجداء الاعتراف، بل جئنا لبناء شراكات حقيقية مع الحكومات والمستثمرين والمؤسسات التي تدرك قيمة التعاون المتبادل”.

 

تحركات غربية ودعم أمريكي متزايد

ترافقت زيارة نيروبي مع تسريبات دبلوماسية تكشف عن دور متنام لبعض القوى الغربية في دفع ملف الاعتراف قدمًا. فقد ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن عبد الرحمن عرّو أجرى مقابلة مطولة معها كشف خلالها عن اقتراب حصول بلاده على اعتراف دولي لأول مرة.

 

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية مطلعة قولها إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد يكون أول زعيم عالمي يعترف بصومالي لاند رسميًا، مقابل إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية بالقرب من ميناء بربرة الاستراتيجي.

 

وأكد عرّو أن وفودًا أمريكية رفيعة من بينهم مسؤولون عن شؤون القرن الأفريقي زاروا هرجيسا مؤخرًا، ومن المرتقب أن تزور وفود تقييمية إضافية مدينة بربرة خلال الفترة المقبلة لدراسة أهميتها الاستراتيجية.

 

وأشارت الغارديان كذلك إلى أن الولايات المتحدة تدرس بجدية التخلي عن سياسة “صومال موحد” التي التزمت بها لعقود، وهو ما يشكل ضربة قوية لحكومة مقديشو، في حين يعزز علاقات واشنطن مع صوماليلاند.

 

توقعات باعتراف رسمي في 2028

في السياق ذاته، كشف وزير الدفاع البريطاني الأسبق والنائب الحالي في البرلمان البريطاني غافن ويليامسون عن تلقيه تأكيدات من مسؤولين أمريكيين كبار بأن الولايات المتحدة ستعترف بصومالي لاند رسميًا قبل انتهاء الولاية الحالية لإدارة ترامب، أي مع حلول عام 2028.

 

وأعرب ويليامسون عن قناعته بأن الاعتراف بصومالي لاند لم يعد سوى مسألة وقت، مؤكدًا أن المشهد السياسي الدولي يشهد تحولات قد تقود أخيرًا إلى إنهاء عزلة صومالي لاند الدولية.

 

ملف اللاجئين الفلسطينيين: صومالي لاند تحت الأضواء مجددًا

وفي جانب آخر من تصريحاته المثيرة، تطرق عبد الرحمن عرّو خلال لقائه مع صحيفة  الغارديان إلى ما يتردد حول وجود خطط أمريكية – إسرائيلية لترحيل لاجئين فلسطينيين إلى صوماليلاند كجزء من تسويات إقليمية.

وقال عرّو:”نحن شعب يكرم الضيف، والفلسطينيون إخوتنا، وإذا قرروا القدوم طواعية فلن نمانع، ولكن لم نجرِ أي مفاوضات مع أي جهة بخصوص هذا الأمر”.

هل اقترب حلم الاعتراف؟

تشير المعطيات المتلاحقة إلى أن صومالي لاند تشهد في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها زخمًا دبلوماسيًا غير مسبوق قد يفضي إلى الاعتراف الدولي المرتقب، في ظل تبدل مواقف القوى الكبرى، خاصة واشنطن ولندن، إلى جانب تحركاتها النشطة في القارة الأفريقية بحثًا عن مكاسب استراتيجية جديدة في القرن الأفريقي.