السودان بين مطرقة الحرب وسندان تداعياتها: الكوليرا ونهب الثروات وعقوبات دولية
أعلنت السلطات الصحية في السودان عن وفاة أكثر من 170 شخصًا وإصابة أكثر من 2,500 آخرين بوباء الكوليرا خلال أسبوع واحد فقط، مع تركز الحالات في الخرطوم وأم درمان وامتدادها إلى ولايات شمال كردفان وسنار والنيل الأبيض. منظمة أطباء بلا حدود حذرت من أن المرافق الصحية غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى، وسط نقص حاد في المياه النظيفة والبنية التحتية الصحية، مما يهدد بمزيد من الوفيات.
تتزامن أزمة الكوليرا مع استيلاء قوات الدعم السريع على أكثر من 400 شاحنة محملة بالصمغ العربي من مخازن في ولاية كردفان، تقدر قيمتها بنحو 75 مليون دولار. هذا التصعيد يهدد الاقتصاد السوداني، خاصة أن الصمغ العربي يعد من أهم صادرات البلاد.
من جانبها اتهمت الولايات المتحدة الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية في صراعه مع قوات الدعم السريع، مهددة بفرض عقوبات جديدة. الحكومة السودانية نفت هذه الاتهامات واعتبرتها ابتزازًا سياسيًا، محذرة من تداعياتها على الاقتصاد الوطني.
وتفيد أفادت تقارير بمقتل 48 مدنيًا خلال يومين من الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. الوضع الإنساني في دارفور يزداد سوءًا مع استمرار القتال وانعدام الخدمات الأساسية.
رغم التحذيرات المتكررة من المنظمات الدولية بشأن تدهور الأوضاع في السودان، إلا أن الاستجابة الدولية لا تزال محدودة، مما يفاقم من معاناة المدنيين ويطيل أمد الأزمة.
ودعا تيغيري شاغوتا، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق وجنوب إفريقيا، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تجديد حظر الأسلحة المفروض على جنوب السودان، محذرًا من أن رفعه سيؤدي إلى تفاقم العنف والانتهاكات الحقوقية في البلاد.
وساهم الحظر المفروض منذ عام 2018، في الحد من تدفق الأسلحة، لكن هناك دعوات من بعض الدول الإفريقية الأعضاء في مجلس الأمن، مثل سيراليون والصومال والجزائر، لرفعه. كما دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي إلى إنهاء الحظر، بحجة أن ذلك سيساعد في توحيد القوات الحكومية والمعارضة.
ومع ذلك، يرى شاغوتا أن هذا التبرير يتجاهل التوترات المتزايدة بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 180 شخصًا بين مارس ومنتصف أبريل. كما أشار إلى أن القوات الحكومية استخدمت أسلحة حارقة في هجمات جوية أسفرت عن مقتل 58 شخصًا، بينهم أطفال، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب من قبل الجيش والأجهزة الأمنية والقوات المعارضة، بما في ذلك هجمات على المدنيين. كما تم رصد انتهاكات للحظر، مثل إرسال أوغندا قوات ومعدات عسكرية إلى جنوب السودان دون إذن من لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.
وتستمر الأزمة السودانية في التفاقم مع تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية، في ظل غياب حلول فعالة.