الحرب السودانية: اشتعال مستمر وحدود تنزف

تدخل الحرب السودانية بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) عامها الثاني، وسط تصعيد متجدد في عدة جبهات وامتداد واضح للصراع إلى دول الجوار.

الخرطوم، التي تحولت منذ شهور إلى مدينة أشباح، شهدت مؤخرًا أعنف موجة من القصف الجوي والمدفعي منذ بداية النزاع، وسط أنباء عن مجازر جماعية وعمليات تطهير عرقي في أحياء جنوبي العاصمة وأجزاء من إقليم دارفور.

 

دارفور تحترق مجددًا

تشهد ولاية غرب دارفور تصعيدًا دموياً، حيث اتهمت الأمم المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين، تشمل القتل الجماعي والاغتصاب والتهجير القسري، خاصة في مدينة الجنينة التي باتت معزولة تمامًا عن العالم الخارجي.

تقارير من منظمات حقوقية تشير إلى أن ما لا يقل عن 15 ألف مدني قُتلوا في دارفور خلال الأشهر الستة الماضية وحدها، وسط صمت دولي متزايد.

 

الحدود تشتعل: تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان في مرمى النيران

تشاد أعلنت أن الاشتباكات امتدت إلى أراضيها، خاصة في مناطق اللجوء القريبة من دارفور. وتم تسجيل مواجهات مباشرة بين مقاتلي الدعم السريع وقوات حرس الحدود التشادية.

بينما حذّرت إثيوبيا من نشاط “جماعات مسلحة سودانية” قرب المثلث الحدودي مع السودان وإريتريا، وسط اتهامات للخرطوم بالتغاضي عن عمليات تسلل.

وجنوب السودان يعاني من تدفق ما يزيد عن 1.5 مليون لاجئ، ما تسبب في أزمات غذائية وصحية حادة على حدود ولاية أعالي النيل.

 

الخرطوم: لا حكومة، لا مؤسسات

لا تزال العاصمة السودانية منقسمة بين نفوذ الطرفين، مع انهيار تام للخدمات الأساسية:

المستشفيات مدمرة أو مغلقة.

الكهرباء والماء منقطعتان منذ أسابيع في معظم الأحياء.

المدنيون يعيشون على ما تبقى من مساعدات غذائية تأتي من الهلال الأحمر ومنظمات محلية.

 

المجتمع الدولي: إدانات بلا حلول

رغم تصاعد الإدانات من: الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية

إلا أن محاولات التهدئة فشلت مرارًا، وسط تعقيدات داخلية وصراعات إقليمية تدفع باتجاه مزيد من التدويل. الأمم المتحدة وصفت الوضع بأنه “أسوأ كارثة إنسانية متصاعدة لعام 2025”.

 

الاقتصاد: انهيار شامل

الجنيه السوداني فقد أكثر من 90٪ من قيمته منذ بداية الحرب.

التضخم تجاوز 500٪.

البنك المركزي خارج الخدمة فعليًا، وسط تقارير عن انهيار كامل لسوق الصرف.

 

هل من مخرج؟

يرى محللون أن الحل السياسي بات أبعد من أي وقت مضى، خصوصًا في ظل:

تشظي المشهد العسكري وظهور فصائل مسلحة جديدة.

غياب القيادة المدنية الفاعلة.

دخول أطراف خارجية بشكل غير معلن، بما فيها أطراف من ليبيا وروسيا عبر قنوات غير رسمية.

وبينما يتصارع القادة على الخراب، يدفع ملايين السودانيين ثمن الحرب وحدهم: جوعًا، وتشريدًا، ودمًا. وتبقى التساؤلات: هل بات السودان على أعتاب انهيار دائم؟