الاحتلال الإسرائيلي يستخدم المجاعة سلاح حرب في غزة ومناشدات لمصر لفتح معبر رفح لإنقاذهم من الموت جوعا

بينما يستمر العالم في إهمال جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعب غزة،  يقف القطاع في وجه كارثة إنسانية متصاعدة، حيث أصبحت المجاعة واقعًا يعيشه الناس يوميًا، لا مجرد تهديد محتمل. فمع استمرار العدوان والحصار المشدد، بات الجوع القاتل يزحف بصمت على أجساد الأطفال والنساء وكبار السن، في واحدة من أحلك الأزمات التي مرت على القطاع في تاريخه الحديث.

 

منذ بدء الحرب الأخيرة، تم تدمير البنية التحتية الأساسية، وأُغلقت المعابر الحيوية التي كانت شريان الحياة لغزة. المساعدات الإنسانية لا تصل، الأسواق خالية من الطعام، والمزارع أُتلفت أو أُحرقت. ومع فقدان الكهرباء والوقود، انهارت أيضًا سلسلة التبريد والتخزين، ما أدى إلى فساد الإمدادات الغذائية القليلة التي تصل أحيانًا.

 

تداولت وسائل الإعلام صورًا صادمة لأطفال من غزة وقد نحلَت أجسادهم من الجوع. الرضع يموتون في الحضانات بسبب نقص الحليب، والأمهات لا يجدن ما يسدّ رمق أولادهن. وبحسب تقارير دولية، فإن أكثر من نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وبعض المناطق تعيش ما يُعرف بـ”ظروف المجاعة الفعلية”.

 

منظمات إنسانية وحقوقية، مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية، أعربت عن قلق بالغ من استخدام الحصار كأداة لتجويع السكان، وهو ما يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. ودعت هذه المنظمات إلى وقف فوري للعدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود. ولكن لا تحرك ملموس ولا جاد لتنفيذ القرارات الدولية على الاحتلال الإسرائيلي بينما تحشد التحالفات لتنفيذها حين يكون المتهم مسلما.

 

حالات مأساوية يتناقلها الناشطون من غزة، هناك من يأكل ورق الشجر، وانهيارات يومية بسبب الجوع.

ولعجز المستشفيات عن تلبية احتياجات سكان القطاع المنكوب، أطلقت سيارات الإسعاف صفاراتها بشكل موحد في أنحاء القطاع، كنداء استغاثة عاجل وتحذير من كارثة صحية وإنسانية وشيكة بسبب تفاقم المجاعة وانهيار المنظومة الطبية تحت الحصار.

إن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل مأساة تطعن ضمير العالم. يحتاج القطاع اليوم إلى أكثر من مجرد تضامن معنوي، بل إلى تحرك فعلي عاجل لإنقاذ ما تبقى من الأرواح قبل أن يُكتب المزيد من الأطفال في قوائم الموتى بسبب الجوع.

 

مناشدة إنسانية عاجلة

ومع اشتداد الحصار وإغلاق جميع المعابر، بات معبر رفح الحدودي مع مصر هو الأمل الأخير لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في ظروف أقل ما توصف به أنها مأساوية ومميتة.

ومنذ تصاعد العدوان على غزة، تم إغلاق معبر رفح بشكل شبه كامل أمام حركة الإغاثة والإمدادات. وهو المعبر الوحيد غير الخاضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي. هذا الإغلاق جعل سكان القطاع، المحاصَرين برًا وبحرًا وجوًا، محاصَرين أيضًا جوعًا وعطشًا ومرضًا.

اليوم، لا دواء، لا طعام، لا وقود، ومع ذلك لا تزال أبواب الحياة مغلقة.

ووجه أهالي غزة من الأطباء والآباء والأمهات،  نداءات من تحت الأنقاض في تسجيلات مصورة ورسائل صوتية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. إلى القيادة المصرية، قالوا فيه:

“افتحوا لنا معبر رفح، نحن نموت جوعًا، أطفالنا يتساقطون الواحد تلو الآخر، المرضى يحتضرون في المستشفيات بلا أدوية، وأجسادنا أصبحت أضعف من أن تتحمل الانتظار.”

وقال أحد سكان القطاع:

“ليس لدينا حليب ولا خبز. نطهو الأعشاب ونغلي الماء لأطفالنا، ولكن إلى متى؟!”

 

المستشفيات كذلك تواجه الانهيار، حيث أدوية الأمراض المزمنة والمستلزمات الطبية الأساسية نفدت بالكامل، ولم تتمكن قوافل الإغاثة من الدخول منذ أسابيع.

ويتطلع أهالي غزة إلى مصر، الجارة الأقرب.

“نحن لا نطلب سلاحًا ولا سياسة، فقط نريد أن نعيش”، هذا ما قاله شاب من غزة في بث مباشر على منصة فيسبوك.

 

ويناشد الناشطون القيادة المصرية فتح معبر رفح فورًا أمام المساعدات الغذائية والطبية، والسماح بعبور الحالات الإنسانية الحرجة، وإنقاذ آلاف الأرواح المعلقة بين الحياة والموت.

هذه المناشدة تتجاوز الخلافات والسياسة، إنها صرخة الموت وفتح معبر رفح اليوم، ليس قرارًا سياسيًا فقط، بل واجب إنساني وأخلاقي، أمام شعب يُباد بالجوع لا بالصواريخ فقط.

فهل ستصر القيادة المصرية على كتابة اسمها في سجل الخزي والعار أم ستفتح هذا المعبر لإنقاذ أرواح تموت قهرا وجوعا.

 

القصة لن تنتهي بقتل الشعب جوعا


إن سياسة الغرب واليهود في إذلال الشعب الفلسطيني في غزة لا تقدم حلولا ولا أمنا مستداما، حتى لو أشفت غليل أحقادهم إلى حين، بل إن ما يفعلونه وكل من تواطأ معهم إنما هو تقديم حجة ومبرر قوي جدا لوحشية قصاص لم يعرفوها من قبل في وقت تستقطب فيه معسكرات تدريب الجهاد الحاقدين والغاضبين من السياسات الدولية الظالمة والمجحفة.

فلا جريمة تمر بدون حساب، والحقوق لا تسقط بالتقادم،  وما هو قادم بعد هذا الإجرام بحق أطفال غزة ونساءها لن يكون في صالح الغرب واليهود أبدا. وهذا ما يغذي الدعوات الجهادية التي لن يقدروا على كبحها وستفاجئهم كما فاجأهم طوفان الأقصى الذي يبدو سيجلب أكثر من طوفان وأشد.