البعثة الجديدة للاتحاد الإفريقي في الصومال على وشك الانهيار: مؤتمر الدوحة يفشل للمرة الثالثة ودول الخليج تتراجع عن التمويل
إلى أين انتهى المؤتمر الذي تأجل عدة مرات وكان من المقرر عقده في العاصمة القطرية الدوحة؟
ماذا حدث في المؤتمر الذي اعتُبر الأمل الأخير للحصول على تمويل لعملية البعثة الجديدة “أوصوم”، والتي كان من المقرر أن تُعقد في شهر يونيو الجاري؟
ماذا كان رد دول قطر والإمارات والسعودية وتركيا على طلب الاتحاد الإفريقي المتعلق بتمويل هذه العملية؟
هذه الأسئلة أجابت عنها صحيفة إيست أفريكان. حيث ذكرت الصحيفة أن الحملة العسكرية التي جرى تشكيلها تحت مسمى التحالف الجديد “أوصوم”، تواجه حالياً مرحلة حرجة قد تؤدي إلى انهيار كامل للعملية.
وجاء في التقرير أن شهر يوليو المقبل، الذي لا تفصلنا عنه سوى أيام قليلة، سيكون حاسماً في تحديد مستقبل قوات “أوصوم” التي تعتمد على المرتزقة، إذ من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية من العملية، في وقت يكتنفه الغموض المالي والسياسي.
ووفق الصحيفة، فإن الأول من يوليو هو الموعد المحدد لانطلاق تنفيذ المهام الميدانية بشكل كامل، إلا أنه حتى الآن لم يتضح بعد من أين ستُوفر الملايين من الدولارات اللازمة لتغطية تكاليف العملية ودفع رواتب القوات.
تمويل مفقود وانسحاب المانحين
أوضحت الصحيفة أن الدول التي كانت تمول سابقًا قوات الاتحاد الإفريقي، مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، قد أوقفت دعمها المالي، كما لم يظهر في الأفق حتى الآن أي ممولين جدد قادرين على سد هذه الفجوة التمويلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المهلة التي منحها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي – ومدتها ستة أشهر – للحصول على التمويل، تنتهي يوم الإثنين المقبل، فيما صرّح مسؤولون في الاتحاد الإفريقي بأنهم لا يزالون يواصلون جهود “التسول” للحصول على الدعم، دون فقدان الأمل.
وأكدت الصحيفة أن قيادة “أوصوم” لا تزال تأمل في تدخل الدول التي اعتادت على تقديم مبالغ كبيرة من الأموال، وأن فشل ذلك سيتسبب في انهيار العملية خلال الأشهر الستة القادمة.
فشل قرار الأمم المتحدة وإغلاق باب التمويل
وقد تراجعت فرص التمويل خلال الشهر الماضي بعد أن ألغى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2719، الذي كان يُفترض أن يشكل الأساس القانوني لتمويل عملية “أوصوم”، كما فشلت الجهود الدبلوماسية التي كانت تهدف إلى إعادة إحياء القرار. وهددت الولايات المتحدة باستخدام حق النقض (الفيتو) إذا ما تم تضمين التمويل الخاص بالصومال ضمن القرار.
وبحسب التقرير، فإن الميزانية التقديرية للعملية تصل إلى 832.5 مليون دولار على مدى خمس سنوات، بمتوسط سنوي يبلغ 166.5 مليون دولار، وكان القرار الأممي الملغى ينص على أن تتحمل الأمم المتحدة 75% من هذه التكلفة.
قطر والإمارات والسعودية وتركيا يتراجعون
كشفت الصحيفة أن الاتحاد الإفريقي فشل في إقناع الدول ذات المصالح في الصومال مثل قطر، والإمارات، والسعودية – والتي ترى أن السواحل الصومالية جزء من استراتيجيتها الأمنية – بدعم العملية. وأضافت أن هذه الدول أظهرت بوضوح عدم رغبتها في تقديم أي دعم مالي للمهمة.
كما أن تركيا، رغم امتلاكها لمصالح استراتيجية واقتصادية كبيرة في الصومال، بما في ذلك إدارة ميناء مقديشو، والمطار، والسواحل، والتنقيب عن النفط، فقد امتنعت هي الأخرى عن تقديم أي دعم مالي، وفقاً لما أفاد به تقرير الصحيفة.
لقاءات لم تغير شيئاً
وأفادت الصحيفة أنه رغم اقتراب شهر يوليو، فإن اللقاءات الأخيرة التي جرت بين الممثل المؤقت لقائد أوصوم، المدعو “أديبايو كريم”، وسفيري بريطانيا وتركيا في مقديشو، لم تُسفر عن أي تطور إيجابي في الأزمة المالية الخانقة التي تواجه العملية.
فشل مؤتمر الدوحة للمرة الثالثة
كما أورد التقرير أن المؤتمر الذي كان يُعوّل عليه الاتحاد الإفريقي والذي كان من المفترض عقده في الدوحة نهاية أبريل، قد تم تأجيله إلى مايو، ثم إلى يونيو الجاري، إلا أنه فشل في كل مرة، ما جعله يُعتبر فرصة ضائعة لحل أزمة التمويل. وقد فشل المؤتمر ثلاث مرات، وهو ما دفع الصحيفة إلى وصفه بأنه فقدان كامل للأمل.
وأوضحت الصحيفة أن سبب إحجام قطر عن استضافة المؤتمر يعود إلى كونها حليفًا للولايات المتحدة، وبالتالي تواجه ضغوطًا غربية لتتحمل مسؤولية تمويل العملية، بعد انسحاب الدول الغربية.
رواتب موقوفة وديون متراكمة
وذكر التقرير أن القوات الإفريقية التابعة لأوصوم لم تتلقَّ أي رواتب منذ قرابة ستة أشهر، كما تراكمت عليها ديون تقدر بـ 83.25 مليون دولار، حسب ما أكده مسؤولون في الاتحاد الإفريقي للصحيفة.
غموض متزايد ومجاهدون يتقدمون
ونقل التقرير عن محللين أمنيين أن إخراج القرار 2719 من طاولة المفاوضات وفشل إقناع دول الخليج الثرية بالمساهمة المالية، أديا إلى دخول العملية الصليبية للتحالف “أوصوم” في نفق مظلم وحالة من عدم اليقين المتزايد.
وختمت الصحيفة تقريرها، الذي نُشر يوم الجمعة، بالإشارة إلى أن العملية قد انهارت تمامًا.
وتأتي هذه التطورات في وقت حقق فيه المجاهدون تقدماً ملحوظاً، ورفعوا راية التوحيد على مساحات واسعة من الأراضي، وهم الآن يقتربون من العاصمة الصومالية مقديشو.