الكفاح للإعلام: حصون الجهاد في إفريقيا.. آن أوان التقدير والنصرة

نشرت مؤسسة “الكفاح للإعلام” مقالا جديدا بعنوان ” حصون الجهاد في إفريقيا.. آن أوان التقدير والنصرة” بقلم جهاد محمد حسن، يسلط الضوء على الجهاد في القارة والسياسات الأمريكية المرتقبة ويرسل بالرسائل للأمة المسلمة.

 

 

وجاء في المقال الذي نشر بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية:

 

الحمدُ للهِ معزِّ الإسلامِ بنصره، ومُذلِّ الشركِ بقهره، ومصرِّف الأمور بأمره، ومستدرجِ الكافرين بمكره، الذي قدَّر الأيام دولًا بعدله، وجعل العاقبةَ للمتقينَ بفضلِه، والصلاةُ والسلامُ على من أعلى اللهُ منارَ الإسلامِ بدعوته، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، أمَّا بعد:

فقد بدأت حقبة حكم جديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائد الحلف الصهيوصليبي الجديد، اليمينيّ المتعجرف الذي كان أول رئيس يعلن بكل صفاقة، القدس المسلمة، عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي المتوحش، ولا تزال سياساته الصاخبة والمصادمة، تحارب الإسلام والمسلمين وتهدف إلى تمكين الهيمنة الصهيوصليبية في العالم بصفاقة وابتزاز.

وهذا ليس بجديد ولا مغفول عنه، إلا أن ما يغفل الناس عنه كثيراً، هو أن جمع الكافرين لنا، يوازيه جمع آخر حثيث من أهل الرباط والجهاد في ثغور العز والعمل، جمع يُسقى بالأرواح والأعمار وكل نفيس، منذ قرابة العقدين من الزمن، لا تفتر الهمم عن حراسة الجهاد بحسّ مسؤولية وصبر واحتساب، وإباء ويقين، ومدّه بكل ما يُقويه ويُعدّه لمواجهة حملات الكافرين.

وذلك استجابة لأمر ربنا جل جلاله ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]

واقع الجهاد في إفريقيا

إنه لمؤسف بشدّة جهل أكثر المسلمين بواقع الجهاد في إفريقيا، حيث اشتد ساعده وامتدت ظلاله بشريعة رب العالمين، وتحولت مساحات كبيرة شاسعة لإمارة إسلامية لا يدنسها كافر ولا تحكم بغير ما أنزل الله تعالى. قد التحمت فيها القبائل المسلمة مع أبنائها المجاهدين الأنصار وإخوانهم المهاجرين الذين أقبلوا من كل زوايا العالم الإسلامي، لإقامة صرح الإسلام الواعد. تزدان بمعسكرات التدريب والإعداد، التي تخرج الرجال الأشداء والمقاتلين المحبين للموت أكثر من حب الكافرين للحياة، وتعد الاستراتيجيات وأسباب القوة الأوفى. ويوازي ذلك حركة علمية ودعوية مباركة، والجهود في كافة ميادين خدمة الناس والمجتمعات.

نتحدث عن سنوات طويلة من العمل الدؤوب وتوارث العهد بوفاء وأمانة بلا تبديل، يتخللها زفات قوافل الشهداء، والإنفاق في سبيل الله تعالى وبارقة السيوف، وفضل الله العظيم!

قال الله جل جلاله ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 41].

إنها قصة مجد يٌبنى كما بنيت من قبل أمجاد الإسلام، يرابط المجاهدون في الساحل وشرق إفريقيا بقيادة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وقاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين، في صف مهيب وبعزم حديد، ملتحم مع القبائل المسلمة وكل حر وفيّ لدينه وأمته. يطبقون شريعة الله تعالى في كل ربوع هذه البلاد، قد أعجزوا تحالفات الدول الكافرة وأذنابهم المنافقين والمرتدين، وقهروا البغاة والمرجفين. فتوالت الاستراتيجيات المحاربة خائبة منهزمة قد تكبدت الخسائر الجمّة. كل ذلك لتكون كلمة الله هي العليا، وشريعته هي نظام الحكم الوحيد الذي يحكم الأرض، باستقامة كما أمر ربنا، بلا إفراط ولا تفريط، بلا غلو ولا إرجاء. وهي الطريق التي كان عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، لا تأخذهم في الله لومة لائم.

ولا عجب أن كان أول رد على إعلان إمام الكفر المحارب ترامب، “القدس” عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، سلسلة عمليات “القدس لن تهود” التي قادها فرسان الإسلام في شرق إفريقيا واقتحموا خلالها وبكل بسالة وببطولة قل لها نظير، قواعد القوات الأمريكية ووصلوا للقوات الصليبية واليهودية في عمق تحصيناتها، وقتلوا منها وأثخنوا فيها وكبدوها الخسائر الكبيرة.

وكان من بركات إبائهم وإقدامهم بلا لجلجة ولا ارتياب، أن دخل سجل تاريخ غزوات المسلمين، غزوة “ماندا باي” على قاعدة القوات البحرية الأمريكية في لامو، بكينيا، وغزوة “بلدويقلي” على أكبر قاعدة أمريكية عسكرية في الصومال وغيرها من الغزوات الماجدة.

 

ثم لا عجب أن يرابط “لواء القدس” التابع لحركة الشباب المجاهدين على جبال تورا بورا الصومال، في منطقة غوليس شمال شرق البلاد، حيث يجمع المجاهدون هناك، منذ نحو عقدين من الزمن لإعلاء كلمة الله تعالى والتصدي للعدوان الصهيوصليبي وتحرير بيت المقدس، في صبر ومصابرة وتفانٍ ووفاء ويقين، لا يضره من بخسه أو غمطه!

ولا عجب أن أقرت بطولات فرسان الجهاد في الساحل عيون المؤمنين بالقصاص من مرتزقة فاغنر الروس المجرمين وأذنابهم المرتدين. وفضحت خوارهم وكشفت ضعفهم وكسرت هيبتهم أمام العالم في أرض الساحل العصيّة على قوى الاحتلال، حيث عرف الناس بركات العيش تحت ظلال الشريعة بأمن وعدالة وعزة، لم تتمكن من توفيرها لهم أكثر الأنظمة تحصيلا للدعم والمساندة والاعتراف الدولي، بل كانت هذه الأنظمة وكيلة النظام الدولي لقتل المسلمين العزّل بدم بارد بقصوفات العار، وسلبهم حقوقهم وإطالة أمد استعبادهم واضطهادهم لصالح الغربي الكافر. فالحمد لله الذي سخّر أهل الجهاد لرد عاديتهم وإحباط مؤامراتهم ومكائدهم والقصاص لكل مسلم ومسلمة سقطوا ضحايا لطغيانهم وإقامة سلطان يحمي بيضة الإسلام والمسلمين المستضعفين.

وما هذا إلا النزر اليسير من عطاء ممتد مضرّج بالدماء في هذا الجزء من القارة الأفريقية، لتعلم هذه الأمة أن لها أبناء بررة، قد طلقوا الدنيا بما فيها في سبيل أن ترجع لسيادتها بدينها، حرة مصانة ومهابة. وفي سبيل حفظ شرفها وكرامتها، بعد أن نال منها الوهن وأضعفتها التفرقة، وكبّدها البعد عن شريعة ربها الخسائر الجمّة. هذه الأمة لا تموت وكما استعمل الله تعالى في الماضي رجالا صدقوا مع الله تعالى، يستعمل في كل حقبة وزمان رجالا باعوا النفوس لربهم وأخلصوا دينهم لخالقهم عز وجل.

قال الله تعالى ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 23].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”س لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ”، صحيح مسلم.

فبارك الله في زرع إمام الجهاد الشيخ أسامة بن لادن وصحبه وتقبلهم الله ورحمهم ورضي عنهم وأرضاهم، وبارك في كل من حمل الراية من بعدهم غير مبدلين ولا خائنين ولا مفتونين.

 

ماذا تخطط قيادة التحالف الصهيوصليبي الجديدة لإفريقيا؟

لم يكشف ترامب بعد عن سياسته كاملة تجاه أهل الجهاد في إفريقيا، ولكن من خلال استقراء تقارير الغرب، نجد أن القيادة الأمريكية في هذه القارة تواجه تحديات كبيرة ومستعصية، وهو ما يؤكده الباحثون المتخصصون.

يقول دانييل فولمان، مدير مشروع أبحاث الأمن الأفريقي في واشنطن العاصمة والمتخصص في السياسة العسكرية الأمريكية تجاه إفريقيا وقضايا الأمن الأفريقي:”من المقرر أن تتبنى إدارة ترامب القادمة نهجا عدوانيا تجاه إفريقيا، وهو النهج الذي سيشكل تحدياً كبيراً للقيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، وهي القيادة القتالية التابعة للبنتاغون في إفريقيا. وربما وصف ترامب الدول الأفريقية بأنها “دول قذرة” خلال ولايته الأولى وتجاهل القارة إلى حد كبير. ولكن في ولايته الثانية، أصبح مستشاروه اليمينيون عازمون على تحويل سياسة الأمن القومي الأمريكية وتنفيذ سياسات جديدة بشأن المنافسة مع الصين، وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، والاستجابة لتهديد الجماعات المتمردة الجهادية المسلحة”.

من المتوقع أن يركز فريق ترامب المحارب الجديد على ما يسمى عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية في إفريقيا. ولذلك سيعملون على توسيع وتصعيد هذه العمليات في القارة وبشكل خاص في منطقة الساحل.  

يقول ج. بيتر فام، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون إفريقيا: “لقد انتقل مركز الإرهاب من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، متركزا في منطقة الساحل”. لذا، فإن “معالجة هذه التحديات بطريقة تتفق مع المصالح الأمريكية لا تتعارض مع تصميم الرئيس ترامب على تجنب الحروب الجديدة والالتزامات المفتوحة بعمليات مكافحة التمرد أو تمارين بناء الأمة”.

وهذا يعني استئناف التعاون الأمني ​​مع الأنظمة العسكرية التي استولت على السلطة في منطقة الساحل، والضغط على الدول الساحلية في غرب إفريقيا لاستضافة عدد متزايد من القوات الأمريكية وزيادة الأنشطة العسكرية الأمريكية، والضغط على الفرنسيين لاستئناف التدخل الأمني ​​العدواني في المنطقة، وزيادة التعاون الأمني ​​مع دول شمال إفريقيا (المغرب وتونس وليبيا)، وتوسيع التعاون الأمني ​​مع نيجيريا. ومن المرجح أن يتجاهلوا أنشطة قوات المرتزقة الروسية ــ من فيلق إفريقيا، المعروف سابقا باسم مجموعة فاغنر ــ والأنشطة التجارية والاقتصادية الروسية في إفريقيا. بحسب ما يلخص دانييل فولمان الذي يرى أن إدارة ترامب ستعمل على إيجاد طريقة لمواصلة العمليات ضد حركة الشباب المجاهدين في الصومال، جيش الإسلام في الثغر الجنوبي الذي أعجز الاستراتيجيات الأمريكية المتعاقبة في شرق إفريقيا.

 

ماذا عن التهديد الروسي والصيني؟

يمكن القول إن التهديد الذي تشكله روسيا على المصالح الأمريكية أكثر جدية في العديد من البلدان الإفريقية إلى جانب جنوب إفريقيا التي سيحاربها ترامب لموقفها من الاحتلال اليهودي لفلسطين.

وتعمل روسيا على توسيع نفوذها في منطقة الساحل وتشريد الولايات المتحدة وفرنسا هناك وأماكن أخرى، جزئيا عن طريق نشر قوات تحت قيادة فاغنر وفيلق إفريقيا.

لكن مصالح الأمريكيين في مكافحة تمدد الحكم الجهادي في المنطقة تنسجم والمصالح الروسية الجشعة في المنطقة نفسها، ما يعني أن القوات المتنافسة ستعمل لصالح منع الصعود الإسلامي في إفريقيا بغض النظر عن المنافس تارة، وبفسح المجال له تارة أخرى أو العمل معه تارة ثالثة. فالأولوية لديهم، هي منع تمدد النظام الإسلامي الشامل والمستقل في إفريقيا.

وبالنسبة لمنافسة الصين فهي تقع على رأس التسلسل الهرمي للمصالح الأمريكية في أجندة ترامب، وهذا ما سيجعل الرئيس الأمريكي يسخّر كل الإمكانيات في يده، لبسط نفوذه في إفريقيا كشريك اقتصادي عالمي، وسيكون السباق على نهب الثروات الإفريقية على أشده في محاولة لمنع الصين من الاستفادة من ثروات القارة التي تعاني من خيانة الزعامات العميلة والمنهزمة.

ولعل أكثر المتضررين من السياسة الأمريكية المرتقبة في القارة هي السودان، حيث لا يتوقع أن يلتفت الأمريكيون لواقع الصراع في السودان إلا في حال ظهرت جماعة جهادية تطالب بتطبيق الشريعة، في هذه الحال سيكون التأهب للتدخلات العسكرية متوقعا، كما هو متوقع في نيجيريا وكل بلاد يمكن أن يسقط نظامها لصالح النظام الإسلامي.

 

ما المطلوب في المرحلة المقبلة؟

الحمد لله رب العالمين، نحن نتحدث عن ثمار ونتائج الجهاد في إفريقيا، نتحدث عن تأسيس مراكز للقوى الإسلامية مرنة وواعية بحجم التحديات والعقبات التي تحيط بها، ومدركة لشدة مكر وكيد الكافرين المحاربين، لذلك نحن بالفعل اليوم نملك نظاما إسلاميا قائما بأركانه، وتمكينا مهيباً ممتداً يملك المقومات والخبرات الكافية لاستمراره، ولكنه أيضا يتطلب الدعم والنصرة والتقدير لإيفاء المرحلة المقبلة حقها من الصمود والفتوحات والظفر.

فهذه الجهود البعيدة تماما عن اهتمام الإعلام المأجور إلا من حيث “التشويه” و”الشيطنة” و”التضليل” و”البخس”، يجب أن تُصان وتحفظ لأنها حصون وقلاع الأمة التي تخرج لنا الفرسان والقادة الميامين، الذين سيكون لهم الأثر بإذن الله تعالى في إقامة خلافة المسلمين على منهاج النبوة، وتحرير بيت المقدس وكل بلاد مسلمة تعاني الاحتلال والهيمنة البغيضة.

 

وهذا يعني أن:

  • على المسلمين نصرة إخوانهم المجاهدين في الساحل والصومال، وأول النصرة تقدير جهودهم في إقامة شريعة الله تعالى وتحرير البلاد من دنس الاحتلال والعمالة والردة، وعدم الانجرار للدعايات المرجفة والمضللة التي يدسّها الإعلام المأجور لتشويه صفاء المشهد وثمار الرباط في هذه الأرض الطيبة التي يمتد تاريخ الإسلام فيها لهجرة الصحابة رضي الله عنهم ويضم سيراً فاخرة لقادة وأجيال المجاهدين المخلصين لدينهم وأمتهم على امتداد محور الزمن والخريطة، والذين لا يزالون حجة على كل قاعد ومفرط.
  • على المسلمين المقتدرين مدّ يد العون للقبائل المسلمة التي اختارت العيش تحت ظلال الشريعة ونبذت الأحكام الوضعية والأنظمة المستوردة الغربية وكل جاهلية، وهذا بمد جسور التجارة والتنمية الاقتصادية ومشاريع الإغاثة والصدقات لتقوية الصفّ الإسلامي والمجتمعات التي تتحمل ضريبة حمل راية الإسلام. ولينعموا ببركات العمل وفق نظام اقتصادي إسلامي أمين نقي من الربا ومن الفساد والظلم والسرقات.
  • على علماء الأمة وطلبة العلم، المساهمة في ازدهار الحركة العلمية والدعوية والتعليمية، وتقوية مؤسسات ومعاهد التربية والتدريس في المساحات التي تحكمها الشريعة، ومد الجسور مع أهل العلم في الثغور والتناصح في الله والتوادّ والتراحم في سبيل النهوض بالأمة وحفظ ثمار الجهاد وأهل العلم، وتوحيد صفوفهم كجبهة واحدة تعمل على إقامة شريعة الله تعالى في الأرض ونصرة المستضعفين.
  • على الإعلاميين الجهاديين والأحرار، فضح السياسات الغربية والمعادية والمؤامرات والمكائد واستراتيجيات الحرب على الإسلام التي تحيط بالمسلمين في القارة الإفريقية، والتحذير من الانجرار للضخ الإعلامي المضلل والمدلّس الذي يعطي الشرعية لأنظمة عميلة ويمنع الشعوب من حق أن يحكمها الإسلام، مع أنها الأغلبية وفق ديمقراطيتهم البائسة، وهذا يعني السماع من المجاهدين والقيادات الجهادية والشعوب التي تُقتل عمداً بأسلحة وقصوفات الدول المحاربة والمجرمة، لا السماع من خصومهم وأعدائهم عنهم.
  • على الأقلام الصادقة أن تدوّن التجارب الجهادية في إقامة الحكم الإسلامي، تلك التجارب التي قادها قادة قد تطهروا من جشع اللهث خلف الدنيا أو المنافسة غير الشريفة على ألقاب السيادة، فلله الحمد والمنّة، قادة الجهاد منشغلون بالثغور والإعداد والعمل بأنفسهم وبكل ما يملكون، لم يشغلهم الظهور الإعلامي ولا حب التفرد بالصيت، وكيف ذلك وقد أرّقهم حال المسلمين وهمومهم والسعي لرفع الظلم عنهم والتصدي لحملات الكفار المحاربين.
  • على طاقات الأمة الصادقة في مختلف الميادين العلمية والتقنية أن تنفع الإمارات الإسلامية الناشئة بما فيه خدمة للرعية ونفعها ومساعدتها. والاطلاع على أحوال المسلمين وشدّ أزرهم وتحسس حاجاتهم، فهو من أوجب واجبات الأطباء والمهندسين والتقنيين وكل صاحب فن وعلم يريد أن يخدم به دين الله وأمة الإسلام. فالله الله في صدقات العلم والعمل. وخير العمل الجهاد في سبيل الله تعالى.
  • على المسلمين في كل مكان الاجتماع على الكتاب والسنة، ونبذ الفرقة والبدعة، والاستقامة كما أمر الله تعالى على منهاج النبوة، والتحرر من قيود التفكير الحزبي المتعصب والفردي الأناني الجشع، بل يجب أن يجتمع الناس لمصلحة الأمة وسيادة الإسلام تحت ظلال الشريعة لا يفجعهم تفرق ولا طغيان ولا انحراف عن سبيل المؤمنين.
  • على المسلمين الذين لم ينعموا بعيش كريم وعزيز تحت ظلال الشريعة أن يربوا أبناءهم على حب دين الله تعالى والسعي للتمكين له، بل والاستعداد للعيش تحت حكمه في يوم مقبل بإذن الله تعالى، فالعالم يتغير والمدد الجهادي قادم وأمة الإسلام موعودة بالسناء والرفعة بالدّين، وحقبة الحكم الجبري في آخر مراحلها بإذن الله تعالى.
  • على المسلمين في كل مكان توحيد الصفوف والجهود، لغاية تحرير بلاد المسلمين من الاحتلال وقطع حبال الهيمنة عليه وإعداد الأجيال لتحمل الأمانة، وإقامة بنيان الإسلام في الأرض والاستقلال والسيادة بالهوية الإسلامية المهيبة. مع الوعي التام بضرورة حفظ ثمار الإنجازات التي فُديت بالنفس والنفيس، فما هو آت وإن كان يحوم به الخطر من كل مكان إلا أنه يحمل الأمل الكبير وبشريات طال انتظارها، سقيت بدماء زكية وتضحيات جسيمة. قال تعالى ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)﴾ [الصف: 8 – 9]

 

وفي الختام

إن المراقب لوضع العالم الإسلامي، يجد الاهتمام الكبير بقضايا المسلمين في فلسطين وسوريا من حيث الحشد الإعلامي والتواصي، وهذا جيد ومطلوب ومفهوم لمكانة بلاد الشام في خارطة وتاريخ ومستقبل العالم الإسلامي، ولكن على أن لا يكون في ذلك تهميش لقضايا المسلمين في قارة إفريقيا وبقية العالم، فالأمة واحدة، جسد واحد، تقوم معا وتنهض معا بإذن الله تعالى، فحال السودان كمثال لم يلاق الاهتمام الذي يستوجبه مع أن أهل هذه البلاد المسلمة يعيشون نازلة مزلزلة ويتكبدون الفجائع المريرة بصمت، وكذلك حال الجهاد في إفريقيا، يعاني الإهمال والتهميش واللامبالاة التي لا تليق أبداً بحجم التضحيات التي يقدمها المسلمون في هذه القارة التي أخرجت دولا وممالك إسلامية عظيمة في تاريخ الأمة المسلمة ولا يليق بحجم إنجازاتها أيضا. وأخشى أن يكون في ذلك نوع ازدراء أو عنصرية قد بددها الإسلام وكافحها منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى”، مسند أحمد.

فطوبى لمن سد الثغور ونصر المؤمنين بصدق الإقبال وإخلاص الدين لله وعلو الهمة التي لا تنهزم لأي جاهلية. قال الله عز وجل ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [الحديد: 10].

وقال سبحانه ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ [محمد: 38].

اللهم ثبت المجاهدين في سبيلك وأيدهم بنصرك وبالمؤمنين ومكّن لهم شريعتك التي ارتضيت لعبادك واكفهم شرور الظالمين والكافرين والمنافقين والمرتدين واجعل كيدهم في نحورهم، اللهم وبارك في زرعم وسعيهم وإماراتهم الإسلامية، وأعز بها الإسلام والمسلمين، واجعل بركاتها ممتدة إلى آخر الزمان، وإلى بيت المقدس ووعد الله الحق على منهاج النبوة. اللهم وتقبل ثبات وصبر ومصابرة وشهادة كل مهاجر وأنصاري في سبيلك، اللهم واجعل دماء الشهداء نورا تنير الدرب ونارا تحرق العدى، اللهم اجعل من سير أهل الثغور قدوات هدى ومنارات هداية. وألحقنا بالسابقين الأولين، مخلصين وشهداء منتصرين، والحمد لله رب العالمين وصلّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

حصون_الجهاد_في_إفريقيا_آن_أوان_التقدير_والنصرة