جدل واسع بعد حذف جبهة تحرير الشام من قوائم الإرهاب: خطوة سياسية أم تغيير حقيقي؟

أثار القرار الأخير الذي يقضي بحذف جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حاليًا) من بعض قوائم الإرهاب الدولية حالة من الجدل الحاد في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط تساؤلات حول أبعاد هذه الخطوة وانعكاساتها على المشهد السوري والمنطقة بأكملها.

 

ما الذي حدث؟

أعلنت تقارير دولية أن بعض الجهات — بينها دول أو مؤسسات غربية معنية بمراجعة قوائم الجماعات المصنفة إرهابية — أقدمت على إزالة اسم جبهة تحرير الشام (HTS) من قوائم الإرهاب الخاصة بها، مبررة ذلك بأن الجماعة قامت بسلسلة من الخطوات “البراغماتية” خلال السنوات الأخيرة، مثل تغيير اسمها، وانفصالها عن تنظيم القاعدة، ومحاولة الظهور بمظهر كيان محلي ذي طابع إداري مدني في شمال غرب سوريا.

 

ما دوافع القرار؟

يرى مراقبون أن هذا التحوّل قد يكون مدفوعًا بعدة عوامل:

 

دور الجبهة في محاربة تنظيمات أخرى مثل تنظيم الدولة، داعش، ما جعل بعض الأطراف ترى فيها “شريكًا غير مباشر” في ضبط الفصائل المتشددة.

 

التطورات الميدانية التي جعلت من الجبهة لاعبًا رئيسيًا في إدلب ومناطق من ريف حلب الغربي.

 

محاولة دولية لتفكيك عقدة إدلب من خلال إدماج القوى المحلية في مشاريع حوكمة مؤقتة، بهدف تجنب موجات نزوح جديدة أو عمليات عسكرية كبرى.

 

ردود الفعل

قوبل القرار بانتقادات واسعة من بعض الدول والمنظمات الحقوقية، إذ اعتبره البعض “تبييضًا لجماعة ذات تاريخ حافل بالارتباط بالتنظيمات الجهادية”، مشيرين إلى أن الانتهاكات ضد المدنيين والخصوم المحليين لم تتوقف رغم التغييرات الشكلية.

 

من جانب آخر، رحّب بعض الفاعلين المحليين بالخطوة معتبرين أنها قد تسهم في تحقيق استقرار نسبي، وتمهّد لمشاريع إعادة إعمار وبناء مؤسسات خدمية في المناطق التي تسيطر عليها الهيئة.

 

ماذا يعني ذلك ميدانيًا؟

يقول خبراء إن إزالة التصنيف الإرهابي قد يفتح الباب أمام:

  1. توسيع العمل الإنساني والإغاثي في إدلب عبر منظمات دولية.
  2. إمكانية التعامل مع سلطات الأمر الواقع ككيان مدني ولو بغطاء شكلي، لتسهيل التنسيق اللوجستي.
  3. إضعاف حجج روسيا والنظام السوري في شن عمليات عسكرية شاملة بذريعة محاربة الإرهاب.

 

لكن في المقابل، يحذّر محللون من أن الخطوة قد تشجع الفصائل الأخرى على إعادة إنتاج نفسها سياسيًا دون مراجعة حقيقية للأفكار والمنهج.

 

التحديات المقبلة

يبقى التحدي الأكبر أمام جبهة تحرير الشام إثبات أنها تخلّت عن الفكر الجهادي عمليًا وليس فقط شكليًا:

كيف ستتعامل مع الحريات المدنية في مناطقها؟

هل ستتخلى عن أسلوب القمع ضد الصحفيين والنشطاء؟

إلى أي حد ستسمح بتعددية سياسية حقيقية وإدارة مدنية مستقلة؟

كلها أسئلة ستُختبر ميدانيًا خلال الشهور القادمة.

 

وبين من يعتبرها خطوة براغماتية لإنقاذ إدلب من الفوضى، ومن يراها مخاطرة بتبييض تنظيمٍ متشدد، يبقى ملف جبهة تحرير الشام مفتوحًا أمام المجتمع الدولي، الذي سيُراقب تحركاتها ليحدد إن كانت تستحق الخروج فعليًا من دائرة الإرهاب، أم أن الأمر لا يعدو كونه مناورة مرحلية.